انطلق برنامج "ليالي الرواية السعودية" الذي تنظمه إدارة النشاط الثقافي بمركز الملك فهد الثقافي، والمتخص بالرواية وكتابتها، وتضمن الندوات والمحاضرات والقراءات وطرح الشهادات والتجارب مع الجلسات المفتوحة للحوار والنقاش والتدارس مع الجمهور. وافتتح الأديب سعد البواردي فعاليات ليالي الرواية السعودية بكلمة شكر فيها المشاركين، مبيّناً أنّ الرواية منتج إرادة واعية تعبر عن نفسها وفق سياقها التاريخي الإبداعي. بعد ذلك انطلقت الجلسة الأولى "ندوة الرواية السعودية واقعها واستشراف مستقبلها"، تحدث فيها النقاد عن إشكاليات وعيوب الرواية السعودية، وأدارها الأستاذ محمد المزيني باحترافية، وأشار فيها د. صالح الغامدي إلى أنّ الرواية السعودية تعيش حالة تجريب وأنها في كثير من الأوقات تتعاطى مع الواقع المباشر الذي لا يخدم العمل الروائي نفسه أو حتى القارئ للرواية؛ لأنّ الرواية ما لم تستشرف المستقبل وتقدم فلسفة جديدة لا تعد رواية إبداعية. من جهته لفت أحمد الدويحي إلى أن معرفتنا بفضاء الفن السردي تأتي بوصفه بعداً جوهرياً يعد من أبعاد الوجود الإنساني، مبيّناً أنّ القصة القصيرة شكلت حضوراً مدهشاً في الثمانينات والتسعينات الميلادية، وحظيت بطبيعتها كفن أدبي بمكانة ومتابعة وحظي نتاج ما سمي حينها بالجيل المؤسس بالمتابعة، والقراءة، والنقد، وينسب لهذا الجيل ما يمكن قوله توطين هذا الجنس في حضور فن الشعر الطاغي، وبالذات مع حضور حركة الحداثة الشعرية والتي نحت إلى التجديد فنياً، منوهاً بأنّ الكتابة الروائية طفرة نعيشها في الواقع المحلي. بعد ذلك تحدث د. خالد الرفاعي، قائلاً: "من يتابع الروايات السعودية في بداياتها في عام 1930م على يد عبدالقدوس الأنصاري إلى يومنا هذا سيخرج بنتيجة فكرية وجمالية صادمة، ألا وهي اتساع مساحة الضعف الفكري والجمالي في هذه المدونة، بالقدر الذي يجعلنا نتردد كثيراً في إطلاق مصطلح الرواية". وأضاف أنّ الجزء الكبير من الروايات السعودية ضعيف؛ لأنه ينتمي إلى دائرتين كبيرتين الأولى البدايات أو بداية كل روائي على حده والثانية هي الطفرة الروائية والتي بدأت في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر، وبلغت ذروتها في عامي 2005-2006م، ثم تدرجت في النزول حتى نستطيع أن نقول إنها انتهت قبل عامين، ففي هذه المرحلة تحول كثير من الشعراء السعوديين والنقاد والفنانين التشكيليين والمصورين والإعلاميين إلى روائيين. ثم تحدث د. سلطان القحطاني مستعرضاً مرحلة تأسيس جيل الأربعينات مروراً بمرحلة التحول الفني الثقافي في جيل السبعينات تأثيراً وتأثراً، تلاها مرحلة التطور الفني في جيل التسعينات في بناء ثقافي جديد ولغة ثابتة وقراءة الفنون العالمية، وأخيراً مرحلة القرن الجديد، "هذه نسميها مرحلة خلط مفاهيم ثقافية ورواية القصة والقصة الطويلة رواية"، متسائلاً عن المسؤول عن النقد الروائي والدراسات غير المقننة من إشراف تقليدي، مؤكدا أن الرواية صناعة والسرد قصة فمن لم يتقن هذه الصناعة فليس روائياً، معتبراً أنّ ما دمر الرواية في العهد الأخير هو حيل الناشرين وطلب الشهرة السريع وطلب المتلقي والنقد غير المتخصص. فيما تساءل الروائي والناقد عيد الناصر عن استشراف هذا العنوان العظيم وكيف ستكون الرواية؟ وكيف كنا ومن ثم كيف سنكون؟ وقال إنّ الرواية مرتبطة بالتغيرات التي يعيشها كل البشر على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وقال الروائي صالح الحسن إنّ القارئ لأعمالنا الروائية بالذات سيخرج في غالب الأحيان بأنها أعمال لم تقدم له نصاً يشجعه على الاستمرار في القراءة، ولهذا يمكن القول أنّ واقعنا السردي يحتاج إلى وقفات نقدية متأنية، تشخص الحالة وتتابعها وهناك من كتابنا من لا يرضى أن ينتقد عمله الروائي! وأورد عدداً من العقبات التي تقف أمام مقروئية العمل الروائي من أبرزها الضعف اللغوي والأسلوبي، مشيراً إلى أنّه إذا أردنا لأدبنا الروائي أن يقرؤه الناس كافة قبل النقاد فلابد من أدب روائي يحقق مقروئية عالية، ولن يحقق ذلك إلا بمراجعة صادقة من قبل الكاتب لواقعه وقدراته العلمية والفنية، والتخطيط لمشروعه قبل الشروع في إنتاج أي عمل روائي. وبعد ذلك بدأت الجلسة الثانية بثلاث شهادات من تجارب الروائيين في كتابة الرواية وهم الروائي عبدالعزيز الصقعبي، والروائية أمل شطا، والروائي محمد العرفج، لتختتم الليلة بحوار مفتوح حول الرواية بين الحضور والمتخصصين قدمها د. صالح معيض الغامدي ود.إبراهيم الشتوي. الصقعبي والعرفج يسجلان شهادتهما حول الرواية