كانت هذه هي المرة الثانية التي أضع فيها قدميّ في مجلس الشورى، كانت المرة الأولى في 27/8/1427 (2006) تلبية لدعوة إحدى اللجان لمناقشة ما تمخض عن "نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية" الذي أقر بعد عشر سنوات في 23/2/1437. والاثنين الماضي، 1/2/1438، الموافق للتاسع من برج العقرب من عام 1395ه، وبناء على طلب من قبلي ومع مجموعة من الزميلات من الأكاديميات والكاتبات والناشطات الاجتماعيات، استجابةً لفتح المجلس أبوابه للشعب لحضور جلساته والتعرف على آليات عمله، والتي كانت ميسرة ومنظمة بدأت وانتهت بجولة فيها كثير من التفصيل والتاريخ، حضرنا الجلسة ال58 من أعمال السنة الرابعة للدورة السادسة التي رحب معالي رئيس المجلس خلالها بوجودنا ودخولنا. ولحسن حظنا فإنها كانت ذات طابع خاص، وأن دخولنا إلى الجلسة كان في وقت مناقشة تقرير وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والذي قدمته رئيسة اللجنة الدكتورة حمدة العنزي، وهي واحدة من عضوتين ترأسان لجانا من اللجان الأربع عشرة التي تنظم عمل المجلس وقضاياه. وتضمن التقرير ثلاثة مواضيع مهمة تابعناها وهي موضوع مطالبة الوزارة بعمل دراسة مسحية حول ظاهرة العنف الأسري، وتوصية سلطان السلطان بالتنسيق بين الوزارات لدراسة البيئة الاجتماعية لقيادة السيارة، وتوصية سعيد الشيخ بمكافحة الفقر بين النساء. فجلسنا نستمع بتركيز إلى مجريات التعليق والتوصية والتصويت في محاولة لتطبيق قراءة نظرية الآلية على أرض الواقع. وقبل انتهاء استعراض التوصية الأولى طلب معالي الرئيس منا البقاء إلى التوصية الثانية لأنها ستهمنا، وكان يقصد بذلك توصية قيادة السيارة، فكانت لفتة لطيفة من قبله لاقت استحساناً بالطبع منا جميعاً وقابلناها بالتصفيق للتعبير عما وافقنا وسكتنا عما لم يوافقنا في الآلية الوحيدة التي كان بإمكاننا ممارستها. وقد اثارت توصية قيادة السيارة لغطا ًكبيراً قبل بدء الجلسة وخلالها وبعدها. فقبلها كان هناك استياء من أن التوصية تأخذ القضية والتي هي مسألة حق، إلى المربع الأول الذي نستشير فيه المجتمع ما إن كان متفقاً أو لا، فلاقى رفضاً من مناصرات ومناصري قيادة السيارة. والمثير في الأمر أن هذه كانت المرة الأولى، وفق ما فهمنا فيما بعد، التي يجري فيها نقاش مفتوح تحت قبة المجلس حول موضوع قيادة السيارة تُستعرض خلاله الآراء المعترضة والمؤيدة، وكانت كلها مداخلات رجالية للمفارقة، وحملت حجج الفريقين في وضوح قوة حجة الفريق المؤيد، وإن كان هناك مفارقة أخرى في أن المؤيد لقيادة السيارة كان معارضاً لهذه التوصية فكانت على سبيل المثال مداخلة الأستاذ محمد رضا نصرالله في فريق المعارضين ولكنه كان من المؤيدين للقيادة وتناول بإسهاب عبثية إجراء بحوث بعد كل هذا الزمان من المطالبة الشعبية والحاجة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية للقيادة والتوصيات الشورية السابقة المتعددة. وانتهت التوصية بالسقوط بعد أن نجحت بالمناقشة وانتقل الجدل إلى الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي وما زال.