المفردة الأولى في العنوان قد تكون إنتاجاً محلياً بامتياز. بدأنا مؤخراً نسمع وصف "نفسية" وهي كلمة تطلق على الشخص مضروب المزاج أو المكتئب أو المتوتر فيقول أحدهم عن نفسه: "تراني اليوم نفسية ولن أذهب معكم إلى كذا وكذا"، كما توصف مجموعة أفراد بأنهم "نفسيات" مثل فريق كرة قدم أو موظفي إدارة حكومية ما أو حتى شعب من الشعوب. الحُكم هنا على أفراد أو مجموعة بأنهم نفسيات لا تستند على أي مرجعية علمية أو بحثية بل في الغالب حُكم عاطفي ناتج عن تجربة فردية ربما تكون غير سارة. ما علينا، فلنتحدث علميا حول النفسيات وعلاقتهم بمخالفات المرور وبالتالي الحوادث. أحتفظ في مكتبتي وفي جانبها المتخصص بالكتب والمراجع العلمية بكتاب مهم أساسه بحثا علميا تخصصيا في تحليل الخصائص النفسية والاجتماعية المتعلقة بسلوك قيادة السيارات بالمملكة بدعم من (المأسوف على حياتها) اللجنة الوطنية لسلامة المرور بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، تلك اللجنة التي (كانت) هيئة بحث علمي تطبيقي تقوم بمساعدة الإدارة العامة للمرور (التي كانت إداراتها) جهات الاختصاص التنفيذي الميداني. قام بهذه الدارسة الأستاذ الدكتور عبدالله النافع آل شارع (وآخرون) وقد شهد صاحبكم كاتب هذه السطور مراحل ذلك البحث مع الزميل اللواء منصور التركي المتحدث الأمني لوزارة الداخلية حاليا النقيب الفني مدير الدراسات والبحوث آنذاك. سأقوم متى ما سمح لي الوقت والمساحة المتاحة بالرجوع إلى ذلك البحث الذي رأيته من أهم الدراسات العلميّة "المحليّة" التي أُجريت حول تحليل نفسيات السائقين في بلادنا، فاعذروني فيما لو استمرت هذه الحكاية لعدة أجزاء لأهميتها وخصوصا بعد أن اجتمع سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مع قيادات الأمن والمرور وشدد (حسب خبر هذه الجريدة 3 نوفمبر الحالي) على ضرورة نشر التوعية المرورية الشاملة وإيصالها لكافة أبناء الوطن والمقيمين فيه بجميع أنحاء المملكة وضرورة إشراكهم في كل ما من شأنه أن يسهم في أي عملية تطويرية للمرور للقضاء على أسباب الحوادث، موجهاً وبشكل عاجل ببذل كافة الجهود لحل جميع المشكلات المرورية ووضع جميع الحلول الممكنة لتحقيق الأمن المروري حفاظاً على الأرواح والممتلكات. "النفسيات" التي يسميها أفراد المجتمع المحلي بهذه الصفة لهم تصرفات وأنماط سلوكية حددها البحث إياه متمثلة في تصرفات ومظاهر دالة على شخصيّة الفرد. فالسمات الشخصية كالقلق، الاندفاعية، المسؤولية، العصابية، والقهرية يُمكن أن تكون مصدرا كامنا خلف السلوك أثناء قيادة السيارات. كيف؟ سأشرح كيف في القادم من بقيّة الحكاية. [email protected]