لا تزال العبارة التي أطلقها عبدالمطلب بن هاشم جد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "للبيت ربٌ يحميه" يتردد صداها بعد مرور 15 قرنًا من الزمان، ردًا على محاولة أبرهة الحبشي هدم الكعبة المشرفة، التي كان لها موقع قداسة في نفوس العرب، حتى قبل بعثة النبي محمد وانتشار الإسلام، إذ بقي الحرم صامدًا على مر التاريخ، رغم تكرار محاولات استهدافه. ويحظى المسجد الحرام والكعبة الشريفة التي رفع قواعدها إبراهيم عليه السلام، بقداسة وتعظيم، حتى يومنا هذا، قدّسه العرب قبل الإسلام وبعده كانوا له أكثر تقديساً.. وعبر التاريخ شهد المسجد الحرام أحداثاً عظيمة، وصل بعضها إلى محاولات لهدم الكعبة وقذفها بالمنجنيق.. كلها محاولات باءت بالفشل بفضل الله سبحانه "وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً".. ويأتي، إطلاق المتمردين الحوثيين، صاروخاً باليستياً من مناطق سيطرتهم في الأراضي اليمنية باتجاه مكةالمكرمة، كواحدة من حلقات مسلسل استهداف البيت الحرام، حيث سقط الصاروخ، الذي نجحت الدفاعات السعودية وقوات التحالف العربي في التصدي له، على بعد 65 كيلومتراً من مكةالمكرمة أطلقته ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، وأعلن التحالف أنه قد تم تدمير الصاروخ الذي أطلق من صعدة باتجاه مكة بدون أضرار. الحدث كان صدمة كبيرة للعالم الإسلامي، حيث وصل الإرهاب إلى أقدس بقاع المسلمين، وقبلتهم فانتهكوا حرمة المسجد الحرام الشريف، فما الذي يمنعهم من القيام بأعمال إجرامية أكبر، ضد الملايين مادام أنهم تجرؤوا على بيت الله، ومادام هذا الفكر المنحرف المعشعش يصرّ على إخراج المسلمين من دينهم واعتبارهم كفاراً ومشركين؟ إن مكةالمكرمة لها حرمة الدم وحرمة المسلم وحرمة الحرم، ولها مكانة عظيمة في قلوب جميع المسلمين، ومن يرد بها سوءاً سيخزيه الله في الدنيا والآخرة ويذقه العذاب الأليم.. لا بد من التصدي لتلك الاعتداءات التي تطال الأماكن المقدسة، ووضع حد لهذه المحاولات التي تسعى لإشاعة الرعب والخوف في نفوس الآمنين في البلد الأمين.. كما أن على المسلمين أن يكونوا أكثر قوة من أي وقت مضى، وأن يكونوا يداً واحدة، ويقفوا صفاً واحداً، لقطع يد الجماعات الإرهابية واجتثاث الإرهاب الأسود من جذوره.. فماذا بقي بعد استهداف بيت الله المحرم وأطهر بقاع الأرض؟!