أخيراً أُسْدِل الستار على الجدل الذي تسيد الساحة في الأشهر الأخيرة بإقرار الجمعية العمومية للاتحاد السعودي لكرة القدم بأن يكون يوم 31 ديسمبر المقبل موعداً لانتخاب مجلس إدارة جديد خلفاً للاتحاد الحالي الذي سجل نفسه قبل أربعة أعوام كأول اتحاد سعودي منتخب بكامل أعضائه. كل الأحاديث حول التمديد لهذا الاتحاد والتي استبقت انعقاد الجمعية تبخرت في ساعة الحقيقة، حينما صوّت غالبية أعضاء المجلس على إقامة الانتخابات في موعدها، ولو لم يتم تمرير هذا القرار لكان قرار تأجيل الانتخابات وتعيين إدارة مؤقتة حاضراً، بينما لم يكن وارداً في جدول الأعمال موضوع التمديد باعتباره لم يكن مدرجاً على جدول الأعمال لكونه قبل ذلك مخالفاً لمنصوص لائحة النظام الأساسي، ما يعني أن كل ما دار حول التمديد لم يكن سوى أحلام يقظة. احتفاء غالبية الوسط الرياضي والذي عبرت عنهم الجمعية العمومية بانتهاء فترة هذا الاتحاد ومقدم اتحاد جديد، ليس احتفاء برحيل الأشخاص، وإنما احتفاء بطي آخر صفحات الارتجالية التي جعلت من هذا الاتحاد جداراً قصيراً لكل متطاول، حتى أصبحت السيادة فيه لصاحب النفوذ الطاغي، والصوت العالي، وترقب لنهاية أعوام من الخنوع والضعف أمام التهديد والوعيد، والإنذارات التي لوحت في وجهه، و"التفويت" في الجدران، وتغييب قيمة الصفة الاعتبارية للمؤسسة الكروية، حتى أثر كل ذلك على عدالة المنافسة بتقسيم الأندية إلى أندية قوية ذات نفوذ، وأخرى ضعيفة لا تملك غير الشكوى. هذه النهاية المرتقبة هي بمثابة إيقاف لمسلسل الصراعات التي عاشها الوسط الرياضي منذ مجيء هذا الاتحاد سواء بين أعضاء اتحاد الكرة أنفسهم، إذ لعبة المصالح والتكتلات داخل المجلس، أو بين الجمعية العمومية والمجلس حتى فرضت أزمتهما تدخل "فيفا" لأول مرة في تاريخ الكرة السعودية، أو بين الأندية والاتحاد، أو بين الإعلام والاتحاد، بل حتى الجماهير دخلت على الخط، وانقسمت بين موالاة ومعارضة بحسب مواقف أنديتها، وهو المسلسل الذي ظل مفتوحاً بحبكة درامية مثيرة ومعقدة منذ حلقته الأولى، وحتى وهو يصل لحلقته الأخيرة، وبات اتحاد الكرة هو المادة الإعلامية الأدسم من بين كل مكونات الوسط الرياضي. اليوم وبقدر الفرحة التي يعيشها الحالمون برحيل "اتحاد عيد"، ومجيء اتحاد جديد يكون مستقلاً يعيد لبيت الكرة السعودية هيبته المفقودة، ومكانته الضائعة؛ إلا أن مما يؤسف له أن هذا الاتحاد سيرحل بنهاية العام، وسَيُخلِّف وراءه العديد من الملفات المتراكمة، والأخرى المبعثرة؛ سواء على المستوى التنظيمي أو المالي وكذلك الفني، ما سيجعل الاتحاد المقبل بحاجة لبعض الوقت لمعالجة تلك الملفات، خصوصاً وهو سيأتي في منتصف الموسم الجاري. الحقيقة التي لا ينبغي إغفالها أيضاً أن "اتحاد عيد" وعلى الرغم من كل سلبياته فقد رسم في مقابلة الصورة النموذجية لما ينبغي أن يكون عليه الاتحاد الناجح، فجملة الأخطاء التي وقع فيها والكوارث التي تسبب بها تكفيان لأن تكون بمثابة محاذير يمكن أن توضع كعلامات في خارطة الطريق التي سيرسمها الاتحاد المنتظر لنفسه للوصول للنجاح المأمول، وهنا فقط يمكن أن نقول للراحلين شكراً لكم!.