لعل من الأمور التي تشغل بال السيدة التى أصيبت بسرطان الثدي في عمر مبكر (وهي مجموعة تشكل حوالي 40% من الحالات المسجلة في المملكة) بعد تجاوزها مرحلة التشخيص والعلاج هو تأثير المرض على الخصوبة والقدرة على الإنجاب، وذلك للرغبة في الإنجاب ولترسيخ الشعور بأن حياتها قد عادت إلى طبيعتها. إن مرض سرطان الثدي بحد ذاته لا يسبب أي ضرر من حيث قدرة المرأة على الانجاب ولكن التأثير يأتي من البرنامج العلاجي، حيث يتضمن علاج سرطان الثدي: الجراحة، والعلاج الإشعاعي وكلاهما لايؤثران على الإنجاب ولا على الخصوبة، إلا إذا كان العلاج الإشعاعي موجها مباشرة للمبايض وهذه الطريقة في العلاج لا تُستخدم إلا في الحالات التي انتشر فيها المرض وهو استخدام غير شائع لوجود بدائل اخرى. العلاج الكيميائي يؤثر بشكل مباشر في القدرة على الحمل حيث يسبب توقفا مبكرا لعمل المبيضين، ويتضح ذلك التأثير بتوقف الدورة الشهرية لدى المريضة (قبل سن الانقطاع المعتاد)، وهذا التوقف قد يكون مؤقتاً أو دائماً. إن المرأة تولد وهي لديها عدد محدد من البويضات في المبيضين وكلما تقدم بها العمر نقص عدد البويضات بشكل طبيعي، ولكن العلاج الكيميائي يؤثر في قدرة المبيضين من حيث افراز الهرمونات التى تنظم الحيض أو قد يتلف البويضات. وفقدان المبيض لوظيفته يعتمد على نوع الدواء المستخدم (من الأدوية التي تستخدم في علاج سرطان الثدي وتؤثر في المبايض: السايكلو فسفومايد – السسبلاتين – الأدرياميسين) وكذلك كمية الجرعة المعطاة المتجمعة على مدى مجموع الجرعات، وأيضاً عمر المريضة حيث تزداد احتمالية التأثير على المبيض كلما تقدم عمر المريضة. إن اكثر ما يقلق الفريق الطبي عند حدوث حمل للمريضة (بعد إكمالها للعلاج) هو هاجس وجود بعض الخلايا الكامنة التي قد يتم تنشيطها بسبب حدوث التغيرات الهرمونية الكبيرة التي يمر بها جسم المرأة أثناء الحمل، يضاف إلى ذلك أنه من المعروف علمياً أن سرطان الثدي الذي يصيب النساء في أعمار مبكرة يكون أكثر نشاطاً، وإعطاء نصيحة محددة لمريضة بعينها حول احتمالات عودة المرض بسبب الحمل أمر بالغ الصعوبة.. وذلك لتداخل عدة عوامل. الأبحاث المتوفرة حالياً لم تبين وجود أي أثر للحمل على رفع معدل الانتكاسة للمرض ولكنها أشارت إلى أن المدة بين تشخيص الإصابة بالمرض والحمل قد تكون ذات تأثير، لذلك فإن النصيحة المتبعة على نطاق واسع هي أن تؤجل المريضة الحمل لمدة لا تقل عن سنتين إلى خمس سنوات، وبالنسبة للمريضات اللاتي يتناولن أدوية هرمونية مثل التاموكسفين فإن المنع من الحمل يستمر طوال مدة أخذ العلاج التي تمتد عادة إلى خمس سنوات. من ناحية أخرى أشارت بعض الدراسات الى أن اللاتي عولجن من سرطان الثدي يكون لديهن احتمال أعلى قليلاً لحدوث الاجهاضات، ولكن العلاج من سرطان الثدي ليس له تأثير في رفع احتمالية إصابة الجنين بالتشوهات أو التأخر في النمو، أخيراً، فإنه من الأنسب للمريضة وللفريق الطبي مناقشة مثل هذه الأمور قبل بدء البرنامج العلاجي لمعرفة الخيارات المتاحة. * قسم العلاج الإشعاعي