يأتي وقوف سمو أمير منطقة الرياض يوم الخميس الماضي، على الجزء الذي يمتد في المنطقة من مشروع قطار الشمال، الذي قامت على تنفيذه الشركة السعودية للخطوط الحديدية، التي يطلق عليها اختصاراً (سار)، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، وحرصه على أن يستقل رحلة هذا القطار بين محطتي الرياض والمجمعة، اعلاناً رسمياً عن الاستعداد التام للتشغيل الفعلي لرحلات هذا القطار المخصص للركاب على مسار السكة الحديدية التي تمتد بطول 1250 كم، بين العاصمة الرياض ومدينة القريات، وتمر عبر اربع محطات فيما بينهما، فتربط عبر هذه الوسيلة الاقتصادية والآمنة والسريعة من وسائل النقل، ولأول مرة بين أربع مناطق من مناطق المملكة، يمثل القاطنون بها أكثر من (33%) من إجمالي السكان (الرياض والقصيم وحائل والجوف)، وذلك بعد الانتهاء من المرحلة التجريبية، التي استمرت أكثر من عام للتأكد بشكل تام من مدى سلامة كامل أجزاء بيئة المشروع، التي تشمل البنية التحتية، والقطارات وأنظمة الإشارات والتحكم، إلى جانب الكادر البشري الذي سيقوم على الإدارة والتشغيل والصيانة لهذه المنظومة المؤلفة للمشروع. إن قطار الشمال للركاب، لا يقتصر مردوده الاجتماعي والاقتصادي على تخفيف أعباء التنقل بين محطتي القريات في أقصى الشمال، والمحطة المركزية في العاصمة الرياض، وما بينهما من محطات، وتخفيف الضغط على وسائل النقل الأخرى الجوية، أو البرية، بل يتجاوز ذلك ليشمل إسهام هذا المسار للسكة الحديد والمحطات الست على امتداده في إعادة توزيع التنمية بوجه عام، على الأقل من خلال ما يتوقع أن يحفزه من هجرة عكسية، وتحقيق التوازن السكاني بين المناطق والمدن، الذي طال انتظاره، ولم تفلح وسائل أخرى في أن تصل إليه، فمن يتأمل في متوسط المسافة بين محطة وأخرى من محطات المسار الست يجد أنها في حدود (250) كم وما دون، وبالتالي توفر إمكانية الانتقال بيسر عبر هذه الوسيلة بين مقر السكن أو الإقامة إلى مكان العمل أو الدراسة الجامعية، حتى وإن بعد، وبالعكس، سواء ضمن المنطقة الواحدة، أو بين المناطق المتجاورة، الأمر الذي ربما يكون له تأثيره على تقاسم حجم وحصص الطلب على السكن بين المناطق والمحافظات، وأيضاً القرب من مواقع محطات النقل بالقطارات، وبالتالي الحاجة إلى إعادة تموضع مشروعات الإسكان بعد التشغيل الفعلي لقطارات نقل الركاب على هذا المسار، بل والمسارات الأخرى المخطط لها في المستقبل، مما يعزز من أهمية وضرورة الربط في هذا الجانب بين كل من استراتيجيتي الإسكان والنقل بالقطارات بين المناطق والمحافظات، والمشروعات التي ستنفذ وفق تلك الاستراتيجيات.