واصلت الشرطة الفرنسية أمس لليوم السادس على التوالي مسيراتها واحتجاجاتها على ظروف عملها الصعبة وعلى الطريقة التي تعتقد أنها غير صارمة في مواجهة عصابات المجرمين في البلاد ولاسيما في الأحياء الشعبية المكتظة بالسكان والتي تنشط فيها مثل هذه العصابات للاتجار بالمخدرات. وكانت موجة الغضب العارم الذي يعرب عنه أعوان الشرطة الفرنسية قد انطلقت غداة إلقاء زجاجات حارقة على زملائهم في ضاحية " فيري شاتيون" الواقعة جنوب العاصمة الفرنسية. وما حز في نفوس أعوان الشرطة أن المعتدين على زملائهم يوم الثامن من الشهر الجاري منعوهم من الخروج من سيارتهم المشتعلة بعد إلقاء الزجاجات الحارقة عليها مما تسبب في إصابة أربعة منهم بجراح وحروق لايزال أحدهم في حالة خطرة. وقد بدأت احتجاجات الشرطة الفرنسية بشكل منتظم في باريس قبل قرابة أسبوع، ولكن رقعة الاحتجاجات والمسيرات اتسعت وشملت مدنا كثيرة أخرى منها ليون ومرسيليا وليل وتولوز وستراسبورغ. وبالرغم من أن وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف استقبل عددا من ممثلي المحتجين ووعدهم بالعمل على تمكينهم من الحصول على معدات جديدة تسمح لهم بحماية أنفسهم بشكل أفضل من الاعتداءات التي يتعرضون لها من قبل العصابات الإجرامية، فإنهم استمروا في تغذية حركة الاحتجاج مما أحرج نقابات الشرطة إلى حد كبير والحكومة أيضا. واضطرت رئاسة الجمهورية إلى الإعلان عن قبول الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بنفسه باستقبال ممثلين عن المحتجين على عجل خلال الأسبوع الذي يبدأ غدا الاثنين. وقد سعى اليمين المتطرف وبعض أحزاب اليمين إلى استغلال غضب الشرطة للحمل على سياسة الحكومة الفرنسية الحالية في مجال الأمن الداخلي. ولكن أعضاء الحكومة الحالية رأوا أن هذه الحملة باطلة لعدة أسباب من أهمها أن الحكومة الحالية انتدبت منذ عام 2012 تسعة آلاف شرطي ودركي بينما كانت الحكومة السابقة في عهد نيكولا ساركوزي قد استغنت عن ثلاثة عشر ألف دركي وشرطي وخفضت موازنة حماية الأمن الداخلي بنسبة 18 في المائة. وتقر الحكومة الحالية بأن العمليات الإرهابية التي تواجهها البلاد عامل هام من عوامل الضغط على رجال الشرطة والدرك وإنهاكهم وجعل ظروف عملهم أكثر تعقيدا مما كان عليه الأمر من قبل. أما عن المأخذ الذي يأخذه المحتجون على الدولة الفرنسية بعدم التزام الصرامة الكافية تجاه المجرمين لاسيما عصابات الاتجار بالمخدرات في ضواحي المدن الكبرى، فإن الحكومة الفرنسية ترى أن هذه المسالة من صلاحيات القضاء وأن هذا الجهاز مستقل بحكم الفصل بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية حسب النظام الجمهوري الفرنسي.