استعذب العربُ الكُنية في الأسماء حتى لو لم تعكس اسم ابن أو ابنه. قديماً قرأنا أسماء صحابة كرام وأدباء وشعراء وقادة لا نعرفهم إلا باسم الكنية. وقلّت تلك التقاليد في المراحل المتأخرة من عصور الكلام عند العرب، لكنها كما أراها الآن بدأت بالظهور من جديد وبقوة. فاستعمال الكنى من عادات العرب القديمة، وهي للإجلال والتقدير، وهكذا في بعض عادات البلدان والقبائل كذلك، وفي بعضها لا يكنون، فالحكم في ذلك للعرف والعادة، وإن كان الشخص يحب أن ينادى بكنيته فينبغي مناداته بها. بين الشباب الآن من لا ينادي زميلاً أو صاحباً أو قريباً إلا وأورد كنية لم تكن أساساً لوجود ابن أو ابنة ، فقط لأن اسم والد المنادى جاء هكذا. الفرق في الاستعمال يكمن في اختلاف موقع الإعراب، وكلمة أب من الأسماء الخمسة وهي تنصب بالألف وتجر بالياء وترفع بالواو.أما عند المناداة فنقول يا أبا بالألف بدلا عن الفتحة كون المنادى لا يكون إلا منصوبا. حتى في التنزيل الحكيم فإن أبا لهب ذُكر في الآية الكريمة بكنيته فقال: (تبّت يدا أبي لهب وتب)؟ وأذكر حكاية فيها بعض الظرف. وهي أن رجلين يلتقيان تقريباً كل ليلة في اجتماع الحيّ للعب الورق. ودامت العلاقة بينهما سنين وهما لا يناديان بعضهما إلا بالكنية (بما في ذلك أثناء لعِب البلوت. انزل يابو فلان..! ابو فلا شَرى، إلى آخره وذات يوم أراد رجل طارئ على المجموعة، يعني خارج دائرة اللقاءات الليلية تلك، يُريد اسم شخص يعمل بالدائرة الفلانية لكي يقصده في موضوع إنهاء معاملة. قال له زميل البلوت: عندك أبو فلان ما يقصّر .. !. فقال المستفسر: أبو فلان مين؟ أو وش اسمه الكامل حتى أسأل عنه. قال أحدهم: تبي الصدتس؟ مانعرف له اسم غير أبو محمد. ولا أعرف كيف انتهت حالة مطلسمة كهذه، لكن أظن أن المستفسر احتاج إلى المزيد من الاستقصاءات والاستفسار عن الاسم الكامل لأبي محمد ذاك..! والبعض عندنا يُصر أن لا يناديك ب.. يابو، حتى إنه يسأل: وش اسم الولد، ويحرجك إذا لم يكتب الله لك أن تُرزق بولد. ولا أشك في نية أحد، فالبعض يود المبالغة في التقدير والإعزاز. وأرى كذلك أن الناس قد تركوا كنية تأتي من العرف فقط مثل قول( يابوخليل ) بقصد إبراهيم. أو (يابو سعود) بقصد عبدالعزيز أو (يابو قاسم) بقصد محمد. وعند أهلنا في الحجاز ينادون كل واحد اسمه عبدالرحمن ب..( يا وجيه). عند الغرب لا توجد تلك العادة بتاتاً. فلم نسمع أن عربياً نادى الرئيس أوباما ب.. (يابوحسين)