شاهدنا في الأيام القليلة الماضية قيام شرطة مدينة الرياض بإلقاء القبض على بعض ممن يسمون أنفسهم مشاهير السناب شات ووسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب تجاوزهم للأنظمة المعمول بها في المملكة وظهورهم بشكل مسيء وغير مقبول مجتمعياً. وإن كانت الخطوة متأخرة إلى حد كبير، إلا أنها في الطريق الصحيح من أجل إيقاف حجم الابتذال في الطرح والخروج عن المألوف من قبل هؤلاء الأشخاص وغيرهم من أجل تحقيق الشهرة، ومع الأسف، فإن كثيرين منهم يستخدمون أساليب متعددة لتحقيق هدف الشهرة، وكثير من مقاطع الفيديوهات الخاصة بهم تجاوزت حدود الأدب والأخلاق والعادات والتقاليد،بل في بعض الأحيان تجاوزت بعض المحاذير الشرعية. ولو نظرنا إليها من ناحية اجتماعية بحتة ولو أنني غير متخصصاً بالعلوم الاجتماعية، فإن ما يفعله هؤلاء الأشخاص هو أشبه بما يفعله الأطفال للفت الأنظار وتنبيه الآخرين بوجودهم وقيمتهم وأهميتهم؛ فالطفل حينما يرغب في لفت أنظار الآخرين يبدأ بممارسة العديد من التصرفات الغريبة والشاذة أمام الآخرين سواء بالمدرسة أو البيت أو غير ذلك لاستفزازهم، ومن ثم الحصول على مزيد من الرعاية والاهتمام من قبل والديه أو معلميه أو غيرهم. وما يقوم به من يسمون أنفسهم بمشاهير السناب شات ووسائل التواصل الاجتماعي هو لغرض الحصول على اهتمام ورعاية المجتمع ولفت الأنظار حيال موهبتهم في بعض الأحيان، وقد يكون هؤلاء الأشخاص فعلاً لديهم موهبة تحتاج إلى عناية ورعاية وتطوير بشكل جيد ومفيد للمجتمع، إلا أن الكثير منهم لا يستحقون أن نشاهد أو نوزع مقاطع الفيديوهات الخاصة بهم بوسائل التواصل الاجتماعي لما بها من خروج عن المألوف والابتذال وعدم مراعاة الذوق العام كأسلوب للفت النظر في ظل المنافسة المجتمعية الشديد بين هذه الشريحة العمرية من أجل كسب أكبر قدر من الشهرة بأسهل الطرق وبدون أي مجهود يذكر. ويؤسف أن أقول أننا من نقوم بشكل غير مباشر على مساعدة هؤلاء الأشخاص للاستمرار في سلوكهم السيئ والوصول إلى الشهرة المطلوبة، وذلك بتوزيع تلك المقاطع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والضحك عليها وتبادل النكات حولها، إننا بما فعلنا قد أخطأنا بحق الوطن والمجتمع والأجيال القادمة التي لن تسامحنا بجعلنا هؤلاء الحمقى الموجودين بمجتمعاتنا مشاهير!! ولكن ومن جانب آخر، نجد أن موهبة بعض هؤلاء الأشخاص حقيقية وتحمل العديد من القيم النبيلة التي يمكن تنميتها وتطويرها لما يخدم المجتمع، وذلك لما للإعلام من قدرة على توجيه المجتمع بالشكل الصحيح والإيجابي، سواء من خلال البرامج التلفزيونية والإذاعية أو المسرحيات والمسلسلات. أعتقد أننا بحاجة إلى تنظيم وتطوير وتنمية تلك المواهب عن طريق تأسيس أكاديمية للفنون، تجمع بين جنباتها جميع أنواع الفنون التي تخدم المجتمع بشكل علمي وسليم، فكلما تم الاهتمام بتلك المواهب والمهارات، ساعد ذلك على رفع الذوق العام والحضارة المجتمعية والأخلاق النبيلة والتي لها الأثر الإيجابي على جميع أشكال التنمية بالمجتمع، وفي المقابل، فنحن بحاجة إلى تعديل تشريعاتنا القانونية والمتعلقة بالجرائم المعلوماتية من أجل إيقاف تلك الظاهرة التي قد تفتك بقيم المجتمع وأخلاقه والذوق العام، والتعامل معها بكل حزم وقوة للحفاظ على المكون المجتمعي بالشكل الإيجابي الصحيح.