إن كنت أو كنتِ تعتقدين أن مرض الدوالي يصيب الآخرين فقط، ففي الغالب أنك قد اخطأت، فهو أكثر انتشارا مما يعتقد الكثيرون، الدوالي عبارة عن توسع في الأوردة، التي تعيد الدم إلى القلب، مما يصيبها بزيادة الحجم والاحتقان وبالتالي الألم في الساقين أو الأعضاء التناسلية أو كليهما. بلا شك أن الدوالي من الأمراض الأكثر شيوعا لدى الجنسين، فيصيب تقريبا 43% من الرجال و60% من النساء، وتزيد نسبة الاصابة كلما تقدم العمر. تحتوي الأوردة الدموية في الساقين على صمامات تسمح للدم بالسير في اتجاه واحد باتجاه القلب، وبما أن الصمامات تتوالى واحداً بعد الآخر، فإنها تقلل من وزن الدم المتواجد في الأوردة الكبيرة والصغيرة، وعندما يحدث الخلل في عمل هذه الصمامات بسبب تمددها، فإن جزءا من الدم يعود عكسيا باتجاه القدمين بدلا من القلب، وهذا يعرف بالارتجاع الوريدي، مما يزيد من وزن وضغط الدم على الأوردة، فيؤدي هذا بدوره إلى تحويل مجرى الدم إلى أوردة صغيرة الحجم، فتأخذ بالتوسع التدريجي مع الوقت حتى تظهر على سطح الجلد، مما يفسر زيادة الدوالي مع الزمن. وتظهر الدوالي إما بشكل شعيرات وريدية حمراء صغيرة على الجلد، أو أوردة خضراء اللون متعرجة متوسطة أو كبيرة الحجم في الجلد مما يجعل التشخيص سهلا على المريض إذ أنه يرى هذه الأوردة بأم عينيه، إلا أنه احيانا يصعب التشخيص على المريض لأن الأوردة المتوسعة تقبع تحت الجلد بعيدا عن ناظريه. بالرغم من أن الدوالي قد تكون مسألة جمالية، إلا أنها كثيرا ما تسبب، لا سيما في نهاية اليوم، حكة أو آلاما عند الوقوف أو الجلوس أو المشي الطويل، وقد تسبب أحيانا تنفخ القدمين لا سيما مع المشي أو السفر الطويل، وعند القليل من الناس، فإن الدوالي تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بجلطة في الأوردة العميقة للساقين، أما نادرا فإن الدوالي قد تسبب تقرحات مزمنة حول الكاحل. أما الدوالي حول الخصيتين والمبيضين فقد يسببان شعورا بالألم والثقل لدى الجنسين، ويتضاعف هذا لدى النساء عند الدورة الشهرية، أما الرجال فقد تزيد الدوالي من إمكانية حصول العقم عند البعض (القليل منهم). وبعض الناس أكثر عرضة للإصابة بالدوالي وخصوصا النساء، كذلك في حالة وجود الدوالي في العائلة القريبة، ومع زيادة الوزن والعمر أو الجلوس والوقوف الطويلين، أما في الحمل فتزيد أعراض الدوالي وتقل بعد انتهائه. وأغلب الحالات تكون واضحة بسبب الدوالي الجلية للعيان، إلا أنه لا بد من عمل أشعة صوتية للكشف عن وجود إرتجاع في الأوردة الصافنة الكبيرة والصغيرة، وهي أوردة طويلة تحت الجلد في باطن الطرف السفلي وخلف ما يسمى (بطة) الساق. في حالة وجود الارتجاع نقوم بحرق الوريد الصافن تحت التخدير الموضعي، عن طريق إدخال ألياف ليزرعن طريق الجلد إلى داخل الوريد وحرقه من الداخل، وذلك بعد حقن سوائل ممزوجة مع مخدر تحت الجلد حول الوريد، أما في حالة عدم وجود ارتجاع في الوريد الصافن فإننا نقوم بحقن أوردة الدوالي بمواد حارقة، أما بعد العلاج فلا بد من لبس الجوارب الضاغطة لمدة أسبوع إلى أسبوعين، وفي كلتا الحالتين فإننا نرى التحسن خلال 4_6 أسابيع من العلاج. يتطلب علاج دوالي المبيضين والخصيتين وضع أنبوب من وريد العضد الأيمن، وبالاستدلال بالأشعة، يتم توجيه الأنبوب إلى وريد المبيض أو الخصية ثم إغلاقه باستخدام مواد حارقة وأسلاك طبية، ومباشرة بعد علاج الساقين أو دوالي الأعضاء التناسلية، يستطيع المريض التوجه لبيته أو عمله وممارسة أعماله. هنالك بعض الأمور التي قد تخفف من أعراض الدوالي دون تدخل طبي، كرفع الرجلين لفترات متقطعة، المشي بدلا من الوقوف في نفس المكان ولبس الجوارب الضاغطة. قد لا يمكن منع الدوالي من الحدوث، إلا أن بعض الممارسات تقلل احتمالية الإصابة بالدوالي كالممارسة الدورية للمشي والرياضة غير العنيفة، الطعام الصحي قليل الملح وكثير الألياف، عدم زيادة الوزن، عدم تقاطع الأرجل لفترة طويلة، تجنب الوقوف والجلوس الطويلين، تغيير ثقل الجسم من قدم لأخرى عند الوقوف الطويل ولبس الجوارب الضاغطة إن كانت طبيعة العمل تتطلب الوقوف والجلوس الطويل. إن كانت الدوالي لديك، فهي لدى آخرين كثر، قد تكون الدوالي قدرا مقدورا، إلا أن الشافي المعافي هيأ للداء الدواء. * قسم الأشعة التداخلية د. محمد فاروق بدران *