أثار الكتاب الجديد الذي نشر أمس الخميس في فرنسا عن الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند موجة من الانتقادات لدى مختلف الأحزاب السياسية الفرنسية اليمينية واليسارية. وانقسم المحللون السياسيون إلى قسمين بشأن جدوى هذا الكتاب على حملة الرئيس الفرنسي الانتخابية المقبلة في حال اعتزامه إعادة الترشح إلى الانتخابات الرئاسية التي ستجري دورتها الأولى في شهر ابريل المقبل بينما ستنظم الدورة الثانية في مايو. وصدر الكتاب الجديد عن دار "ستوك" الباريسية وعنوانه "من المفترض ألا يقول الرئيس هذا الكلام"، وهو نتاج حوارات أجراها صحافيان في صحيفة لوموند هما جيرار دافيه وفابريس لوم مع الرئيس الفرنسي بدأت منذ عام 2012 أي منذ أن انتخابه رئيسا للجمهورية الفرنسية، وفيه تطرق الرئيس إلى طريقة تعامله مع السلطة ومع الملفات الهامة التي عالجها أو لم يوفق في إدارتها كما كان متوقعا وإلى رأيه في الأحزاب السياسية وشخصيات فرنسية تنتمي إلى اليمين واليسار على حد سواء. كما تطرق الرئيس الفرنسي مع الصحافيين في الكتاب إلى بعض الجوانب المتصلة بحياته الخاصة، ومن المواضيع التي تناولها الرئيس الفرنسي في الكتاب علاقة الدولة بالإسلام والمسلمين في فرنسا فقال إن هناك مشكلة تطرح بهذا الخصوص مضيفا "المشكلة ليست في الإسلام في حد ذاته، بل في بعض المسلمين الذين يرفضون نبذ العنف والتطرف وفي بعض الأئمة الذين يتصرفون بشكل غير لائق". ومما يقوله الرئيس عن المشروع الذي تعده أحزاب اليمين التقليدي في إطار حملتها الانتخابية أن لا هم لها في الحقيقية إلا محاولة إبطال مفعول المكاسب التي يرى أنها تحققت للفرنسيين طوال فترة حكمه والتي لم يبق منها حتى الآن إلا قرابة ستة أشهر. وإذا كان الرئيس الفرنسي يحمل على الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، فإنه يقول إنه لن يتردد في التصويت لصالحه إذا شارك في الانتخابات الرئاسية وتبقى إلى الدورة الثانية مع مارين لوبين زعيمة اليمين المتطرف. وبالرغم من أن الرئيس الفرنسي الحالي سعى دوما إلى إقامة علاقة يسودها الاحترام المتبادل مع السلطة القضائية، فإنه ينتقد في الكتاب هذا الجهاز مما حمل رئيس محكمة النقض ومدعيها العام على طلب لقاء عاجل مع الرئيس الفرنسي عشية صدور الكتاب. كما أخذ فرانسوا هولاند مآخذ كثيرة على الذين يتهمونه في صفوف اليسار بالتنكر للمبادئ اليسارية ويرى أنه على عكس ما يقولون عنه شجاع في اتخاذ قرارات وإجراءات إصلاحية كان لابد من اتخاذها. وإذا كان اليمين المتطرف قد وصف ما ورد في الكتاب على لسان رئيس الدولة ب"عملية تجميل" لصورته التي ساءت لدى شرائح كثيرة من المجتمع الفرنسي، فإن أحزاب اليمين رأت أن اللقاءات التي حصلت بين الرئيس والصحافيين اللذين نشرا الكتاب والتي بلغ عددها 61 لقاء تدل على أن هولاند يقضي وقتا طويلا مع الصحافيين والحال أنه عليه أن يعمل ليل نهار لخدمة الفرنسيين انطلاقا من موقعه ومسؤولياته.