أشارت آخر استطلاعات الرأي الفرنسية إلى أن مرشح يمين الوسط آلان جوبيه هو الأوفر حظاً بالفوز برئاسة الجمهورية. واستبعدت الاستطلاعات فوز أي مرشح من اليسار الذي يمثله الرئيس فرانسوا هولاند وحزبه الاشتراكي. ويقول المراقبون أن الدورة الانتخابية الثانية لرئاسة الجمهورية، والتي ستجري منتصف العام المقبل، ستشهد تنافساً حصرياً داخل تيار اليمين بين جوبيه (يمين وسطي) ومارين لوبان (يمين متطرف). وقد شهد الحزب الاشتراكي تراجعاً كبيراً على مستويات كثيرة بسبب الانقسامات التي ظهرت في صفوف قادته لاسيما بعد التوجه الذي سلكه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في سياسته الاقتصادية والاجتماعية انطلاقاً من عام 2014. فقد أراد هولاند الخروج من ثوب الاشتراكي ليلبس ثوب تيار الاشتراكية الديمقراطية في دول أوروبا الغربية، أي التيار الذي يسعى إلى التوفيق بين التوجه الليبرالي في المجال الاقتصادي من جهة، وضرورة الدفاع عن الاعتبارات الاجتماعية من جهة أخرى. ولكن جانبا مهماً من الشخصيات الفاعلة في الحزب ومن قاعدته الانتخابية اعترض بقوة على هذا التوجه وأصبح ينتقد الحكومة والرئيس الفرنسي ويتهمهما بالتنكر إلى القيم والمبادي الاشتراكية واليسارية. وربط الرئيس الفرنسي الحالي عملية إعادة ترشحه إلى الانتخابات الرئاسية بنجاحه في تحقيق نتائج مرضية في مجال التصدي لمشكلة البطالة. وبالرغم من أن آخر الإحصاءات المتعلقة بالموضوع خلصت إلى أن عدد العاطلين قد انخفض بنسب لم يسبق لها مثيل منذ حوالي عشرين عاما وأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بدأت تتحسن في البلاد، فإن الكتاب الذي صدر قبل أيام عن الرئيس هولاند انطلاقا من حوارات أجراها معه منذ عام 2012 صحافيان من جريدة "لوموند" ساهم في تقويض الآمال التي كانت معقودة على هولاند وعلى تيار اليسار. وفي الكتاب الذي صدر تحت عنوان "ما لا يجدر بالرئيس قوله"، يهاجم هولاند أطرافاً كثيرة -منها الجهاز القضائي- ويبدي إعجابه بأداء زعيمة اليمين المتطرف. وفي الكتاب معلومات من شأنها الحط من هيبة الدولة الفرنسية ومن هيبة الرئيس نفسه مما حمل حتى المقربين منه على الابتعاد عنه بشكل أو بآخر والإعلان بأنه لم يعد مرشحاً للحزب الاشتراكي. ومن هذه الشخصيات رئيس مجلس النواب كلود بارتولو، والمسؤول الأول عن الحزب الاشتراكي جان كريستوف كامباديليس، ورئيس الوزراء مانويل فالس الذي كان دوما يؤكد على أنه سيظل وفيا للرئيس هولاند وأنه لن يترشح إلى الانتخابات الرئاسية لأن هولاند أولى بهذا المسعى في صفوف اليسار. وبالرغم من أن فالس يكرر منذ بضعة أسابيع أن الحزب الاشتراكي سيختفي نهائيا في حال الاستمرار في خلافاته الداخلية، فإن أي شخصية لم تستطع حتى الآن فرض نفسها على الحزب وعلى ناخبي اليسار. بل يتضح اليوم من استطلاعات الرأي أن الذين خيب الحزب والرئيس آمالهم سيصوتون لشخصين لا ينتميان إلى الحزب الاشتراكي وهما مانويل ماكرون وزير الاقتصاد السابق وجان لوك ميلونشون زعيم اقصى اليسار. ولكن عمليات استطلاع الرأي تخلص إلى أنه ليس بإمكان كليهما البقاء إلى الدورة الانتخابية الرئاسية المقبلة.