يقسم العرب انفسهم الى قسمين رئيسيين بحسب رواية الباحث والمفوض السياسي البريطاني في الخليج "ديكسون" ضمن كتابه "عرب الصحراء" وهما الحضر والبادية والحضر مفردها "حضري" ولم يأتي بجديدا وهو يعتبرهم أي الحاضرة. العرب الذين يسكنون في بيوت حجرية او طينية دائمة في المدن والقرى ومناطق الريف كذلك البادية أو البدو الذين وصفهم بأنهم العرب الرحل الذين يعيشون في بيوت الشعر السوداء ويرتحلون مع ابلهم من مكان الى آخر في الصحراء سعيا وراء الماء والكلأ, ويشتق من كلمة بادية كما يقول كلمة بدوي التي تطلق على كل من سكن الصحراء غير ان هذه الكلمة حسب وصفه لا تستخدم أو تفهم في الجزيرة العربية الاصلية. مبينا أن ساكن الخيام السوداء قد يشير أحيانا الى نفسه بقوله "حنا بدو" وكل ما يعنيه في ذلك هو انه رجل بسيط يعيش في الصحراء ولا يفهم شيئا عن أساليب الحياة الحضرية, الا انه غالبا ما يشير الى نفسه والى بني قومه باعتزاز وفخر بكلمة "عرب" فيقول عربنا سندوا .. عربنا نزلوا على الصباحية. ثم يذكر ديكسون أو "ابو سعود" كما يطلق عليه البدو أن البدوي عند ما يصادف غريبا في منطقته فإنه أول ما يسأله بعد السلام والقاء التحية: انت "منين" فيرد عليه: "أنا من عرب فلان". ينبهنا بعد ذلك ابو سعود ان لا نخلط بين العربي أو البدوي المتأصل في بداوته ويعيشها بواقعها المعروف وبين "العرب دار" وهو الاسم الذي يطلق عادة في شمال الجزيرة وشرقها وعلى ما يعتقد في نجد عموما على أنصاف المتحضرين من البدو الذين يعيشون في الخيام السوداء على أطراف البادية والذين ينزلون قريبا من المدن صيفا ولا يتوغلون في الصحراء لأكثر من ثمانين أو مئة ميل بعيدا عن منازلهم شتاء. والكثير من هؤلاء كما قال عنهم يملكون بيوتا في المدينة او القرية التي يرتبطون بها وهم من يمكن أن نسميهم بنصف المتحضرين لعدم وجود تسمية أفضل. ويمضي ديكسون الى أن هؤلاء العريبدار يملكون بالتأكيد قطعانا كبيرة من الاغنام وبعض الابل التي يقتنونها من أجل حليبها ولحمل أمتعتهم وخيامهم عند الانتجاع صوب الكلأ وموارد المياه والكثير منهم من أصول شريفة ومن قبائل محسوبة بحسب قوله مثل عريبدار العجمان والمطير وعتيبة وحرب في شمال وشمال شرق الجزيرة العربية والذين يغدون ويروحون بين المدينة وبين قبائلهم الاصلية وكثيرا ما يتزاوجون مع أبناء عمومتهم في الصحراء. وليس من الضروري أن ينظر البدوي العريق الى بدوي العريبدار باحتقار وبخاصة إذا كان من قبائل معروفة ولكنه دون شك يعتبر هذا العربدار نوعا مدللاً من أنصاف الحضريين والذي اغتنى في خدمة حاكم أو ميسور حضري وبفضل حياة الدعة والترف في المدينة على حياة الصحراء الشاقة, وفي جانب آخر وهو يبين العلاقة بينهم وبين البدو الحقيقيين يسمي العريبدار. أنصاف البدو الذين يستطيع البدوي العريق أن يستفيد منهم ومن خدماتهم عند ما يأتي الى المدينة للاكتيال, كما أن العربدار أو العريبدار وسيط جيد ومفيد في الصفقات التجارية التي تتعلق بالابل والاغنام وبضائع الصحراء ومنتجاتها في المدينة. ويسعده دوما أن يقوم بدور المضيف ويحتفي بأخيه البدوي في منزله عند ما يحتاج الى المبيت في المدينة. ويؤكد ديكسون من خلال معايشة حقيقية مع هؤلاء أنهم مثل بقية عرب الجزيرة المتضادين في بعض شؤون حياتهم ولهذا لم يستغرب وهو يسمع منهم عبارات تتردد على السنة العريبدار مثل قولهم: " أكلونا البدو" الا أن زيارة أخيهم البدوي لهم يضفي عليهم الكثير من الهيبة والاحترام, وبخاصة عند ما يستضيفون فارسا أو شيخا من شيوخ البدو. ومن الصفات الحميدة التي عدها ديكسون ضمن حسنات هؤلاء العريبدار أنهم مسالمون بطبيعتهم وبفضل وجودهم قريبا من المدن والشعوب ذات الطابع المتحضر. لأن الحرب لن تأتيهم كما يقول بنفع باعتبار ثرواتهم من الاغنام أكثر من اعتمادهم على الجمال وفي هذه الحال ليس هناك ما يدفعهم للغزو ونهب إبل غيرهم من الناس وهو الهدف الاسمى لدى البدوي العريق الذي يغزو ويكون هو بدوره عرضة للغزو. لكن ذلك لا ينفي أن العريبدار محارب عنيد عند ما يحتاج الامر لمساندة شيخه او الدفاع عن ممتلكاته أو المدينة التي يعتمد عليها. وينبهنا ديكسون الى ضرورة عدم الخلط بين العريبدار وفئة أخرى معروفة هناك وهو يقول : هناك ساكن آخر للصحراء لا ينبغي أن نخلط بينه وبين ابن عمه العريبدار وهو "راعي الصحراء" الذي لا هم له في الحياة سوى رعاية أغنام ساكني المدن أو شيوخ القبائل الاغنياء' ونظرا لأن الاغنام لا تستطيع مسايرة الابل في هجراتهم الطويلة الى أعماق الصحراء. ولأن المناطق التي يستطيعون ارتيادها طلبا للكلأ محدودة مقارنة بالمناطق الواسعة التي ترتادها قبائل الابل فقد أدى ذلك الى ظهور طبقة خاصة من رعاة الغنم الذين ينتجعون مناطق خاصة بهم, ولكنهم يشكلون جزءا لا يتجزأ من قبائل البدو من أهل النجعة البعيدة أو يملكون قطعانهم الخاصة ويهيمون في الصحراء الخارجية في مجموعات قبلية مختلفة. إذ تعرف قبائل الرعاة هذه باسم الشواوي ومفردها شاوي وهو الاسم الذي يطلقه عليهم سكان المدن. لكن محقق الكتاب والمشرف على الترجمة سعود بن غانم العجمي يؤكد أن الاسم "شواوي" يطلق أيضا على من يسمون بعريب أو عريبدار والتسمية مشتقة من "الشياه" وهي الغنم التي تعد أكثر ممتلكات هؤلاء.