«جاستا» أصبح واقعاً ولم يعد من الحكمة إضاعة الوقت في الحديث عن الماضي وتراشق الاتهامات أو لعن الشيطان الأكبر وبطته العرجاء.. القانون سيئ الذكر أصبح نافذاً ومواجهته تتطلب أن نفكر خارج الصندوق؛ بعيداً عن العنتريات التي أضاعت نصف العرب، والرومانسيات التي أضاعت النصف الآخر.. المواجهة يجب أن تكون بحجم التهديد بحيث لا نسمح بالارتجال ولا بالمجاملة أن تجد طريقها لمقاعد «الدفاع». جميل أن يقف إلى جانبنا عدد من العرب وأجمل هم أولئك المتعاطفون من المجتمع الدولي.. لكن علينا الحذر في ظل هذه الأزمة من «تجار الشنطة» الذين يسوقون أنفسهم هذه الأيام على حساب القضية أو طمعاً بنصيبهم من الكعكة المغرية لكل «لصوص القانون» في العالم.. حيث من المؤكد أن عروض الدفاع والاستشارات قد انهالت على سفاراتنا في دول العالم.. وان الكل اليوم أصبح يبحث عن المشاركة.. والكل أصبح خبيراً في النظام القضائي الأميركي والقانون الدولي. الرواية الوحيدة التي تزج باسم المملكة في أحداث سبتمبر مجرد أماني ليس هناك ما يؤيدها؛ حيث كل التقارير والتحقيقات الرسمية انتهت إلى براءة المملكة؛ لكن الانجراف الأميركي المؤيد للقانون سيئ الذكر وإهمال عشرات التحقيقات والتقارير التي برأت المملكة؛ يدل على أن المواطن الأميركي لازال رغم إسقاطه دولتين مقابل البرجين يشعر بحرقة الصفعة. وهذا التشكيك ليس قصراً على المواطن الأميركي البسيط بل تجاوز إلى محللين وأكاديميين وقانونيين أميركيين، وحتى مسؤولين سابقين في البيت الأبيض ومن القيادات العسكرية أو الاستخباراتية الأميركية الذين لازالوا يجترون روايات فارغة، ويتجاهلون عمداً الحقيقة التي يبدو انها لا تجلب الشهرة ولا المال الكافيين. أحداث الحادي عشر من سبتمبر بعد «جاستا» لم تعد هي نفسها قبلة.. القضية أصبحت دولية وأضرارها تجاوزت حدود الولاياتالمتحدة الأميركية إلى تهديد سيادة دول ونظام دولي راسخ متفق عليه.. لذلك يجب أن نبحث تدويل تحقيقات الحادي عشر من سبتمبر.. وتشكيل محكمة دولية تفصل في الكثير من الإجراءات الأميركية وتحدد سلامتها ومدى مسؤولية الغزاة الأميركيين عن الإرهاب الدولي!!. لماذا لا نتحدث عن حاجة العالم الى مزيد من الإيضاح؛ حول الفريق المكلف بالتحقيقات في احداث الحادي عشر من سبتمبر؟ وكيف تم تشكيله؟ ومن هم أعضاء هذا الفريق؟ وكيف تمت التحقيقات؟ وهل تمت في غوانتانامو أم في سجن أبو غريب أم في ساحة حرة تحت الشمس!!. أليس من حق المجتمع الدولي أن يعرف تفاصيل إجابات هذه الأسئلة قبل أن يزج به في مزايدات الاستحقاقات الانتخابية ومماحكات الجمهوريين والديموقراطيين. هناك حاجة لإعادة التحقيق في هذه الأحداث الغامضة تحت رقابة دولية مشتركة تكون المملكة طرفاً رئيسياً بها.. تحقيقات تتم بشفافية وعلى معايير يتم الاتفاق عليها، فمن حق ذوي الضحايا والمجتمع الدولي أن يعرفوا الحقيقة. أميركا قتلت مئات الآلاف من اليابانيين عندما أحرقت هيروشيما ونجازاكي على مدى أيام مع سبق الإصرار والترصد، قتلتهم بدم بارد وبمطرقة القاضي الأميركي وبدعم الكونغرس وقيادة الرئيس؛ ألا يحق لذويهم مثلاً أن يطالبوا بمحاكمة القتلة. ألا يحق للفيتناميين محاكمة المسؤول عن قتل أكثر من مليون فيتنامي على مدى 13عاماً، وكذلك ذوي ضحايا مليون ونصف فلبيني، وأسرى الحرب في مجزرتي كانيكاتي وبيسكاري بايطاليا، ومجزرتي اودوفيل واوماها بفرنسا، وفضائع تعذيب الأسرى، واغتصابات اوكيناوا التي تخطت 1336 حالة خلال عشرة أيام تحت العلم الأميركي، ونساء واطفال نوجن ري بكوريا عام 1950 والذين لم يتعرف على ملامحهم بعد اختطافهم من وحدة برية أميركية، وقصف يوغسلافيا ومقتل 5000 بدم بارد في العام 1999م، وافغانستان والعراق.. كلها شواهد تحتاج للتحقيق في الممارسات الإرهابية التي تمت تحت علم الولاياتالمتحدة الأميركية. المجتمع الدولي اليوم بات قبل المواطن الأميركي يحتاج للتحقيق في أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ بمعايير واضحة وشفافة توقف ابتزاز العالم وتردع الكاوبوي الذي اعتاد إحراق القرى من خلفه غير عابئ بأهلها ولا بالنظام الدولي.