"إن استمرار هذا الحكم على يد ابن سعود ودوام الاستقرار هناك، وتحويل البدو من حياة التنقل هنا وهناك ومن حياة عدم الاستقرار ومن حياة القتل والقنص والإغارة إلى حياة الاستقرار والأمن عن طريق توفير العمل الطيب وتوفير الأمن والأمان، كل هذا سيؤدي إلى إيجاد منافع وفوائد للحج، ومنافع وفوائد للبلدان العربية الأخرى وسيؤدي بالتالي إلى أن تعم الفائدة أيضا على بقية دول العالم كله". هذا ما ورد بالوثيقة الرسمية رقم 167 بتاريخ 17/12/1927م من القنصلية اليابانية بمصر إلى وزارة الخارجية اليابانية قبل حوالي تسعين عاما. مقالة اليوم تستعرض كيف وصف اليابانيون الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه؟ نعود مرة أخرى للوثيقة الرسمية بتاريخ 1927م والتي تضمنت حقائق عن سعي الملك عبدالعزيز للتحديث والنهوض ببلاده والفرص الاقتصادية التي يمكن أن تتوفر لليابان في هذه الحركة التنموية. تقول الوثيقة:" ونحن نخمّن أن يكون لديهم سيارات أكثر في موسم الحج القادم، وذلك لدعم حركة النقل، وفي المستقبل ستكون هذه المنطقة، جزيرة العرب، سوقا طيبة للسيارات، فتحسن حالة الطرق أمر ملحوظ للغاية، إذ هناك إنشاءات عديدة للطرق. والملك ابن سعود يخطط لإنشاء شبكة طرق واسعة وكبيرة، وتفكيره تفكير عصري وموقفه تجاه السيارات سوف يؤثر كثيرا في سوق السيارات.. والملك ابن سعود يهتم أيضا بتحديث الرعاية الطبية في البلاد.. ويحاول أيضا تحقيق إنجازات في مجال التجارة والصناعة عن طريق وضع خطط جديدة". وفي كتابه الرحلة اليابانية الصادر عام 1939م يصف إيجيرو ناكانو لقاءه بالملك عبدالعزيز ضمن الوفد الياباني الرسمي ويشيد بالملك وأخلاقه ورقي تعامله وحرصه على التمسك بالشريعة وتأكيده على نصرة المملكة لإخوتها في فلسطين. وفي كتابه (ياباني في مكة) يقول الحاج الياباني سوزوكي تاكيشي في تعليقه على حادثة الاعتداء على الملك عبدالعزيز رحمه الله بموسم الحج: "لقد كانت تلك واقعة خطيرة ولو حدث لا قدر الله وأصيب ابن سعود بمكروه فإن الوضع في جزيرة العرب يصبح على غير ما هو عليه الأمر الآن، ولتغير وجه التاريخ في جزيرة العرب." وفي كتابه الصادر عام 1934م عن رحلاته لبلدان العالم الإسلامي كتب الحاج الياباني تاناكا إيبيه عن الملك عبدالعزيز قائلا:" خاض ابن سعود منذ صغره معارك كثيرة، وهو في شخصيته يشبه الساموراي ولم يكن شبيها بالساموراي فقط بل كان سياسياً محنكاً وموهوباً كما أنه كان ديبلوماسياً عظيماً.. بعد أن دخل الملك عبدالعزيز منطقة الحجاز كانت بريطانيا أول بلد اعترفت به ملكا.. ولم تكن بريطانيا سعيدة وهي تشاهد قوته تزداد يوماً بعد يوم... وكانت بريطانيا تأمل أن تحطم قوة ابن سعود لكنها لم تستطع إلى ذلك سبيلا". ويشير تاناكا أيضاً إلى أن إيطاليا كانت لها أطماعها في المنطقة وأرسلت خبراء عسكريين قاتلوا ضد السعودية حسب وصفه بيد أنه تم أسرهم. ولمن أراد الاستزادة أكثر فأنصح بقراءة بحث أ.د. سمير نوح الأستاذ بجامعة دوشيشا اليابانية بعنوان: "شخصية الملك عبدالعزيز: رؤية يابانية". وفي أيامنا هذه فمن أهم ما نتعلمه من سيرة الملك المؤسس هو أنه مهما صعبت الظروف الاقتصادية والسياسية، ومهما حاولت القوى الأجنبية أن تحيك المؤامرات وتشعل الحروب، ومهما حاول المثبطون، فلا مستحيل مع الإرادة وأنه من يتوكل على الله فهو حسبه. رحم الله الملك المؤسس، وحفظ الله بلادنا وقيادتنا ونصر جنودنا الأبطال وقوات أمننا الأشاوس في الحد الجنوبي وفوق كل أرض وتحت كل سماء.