الجميع بات يتحدث عن قانون (جاستا). وأعتقد أنه لم يعد من المجدي مناقشة المزيد حوله، وهو القانون الذي يبيح لأهل ضحايا حوادث الإرهاب في أمريكا محاكمة (لدى محاكم أمريكية) عدو محتمل شارك في أحداث 11 سبتمبر. فهشاشته القانونية، وتربصه بالحصانة السيادية للدول، يفتح بابا شاسعا أمام المزايدات السياسية التي من الممكن أن تبعثر جميع الاتفاقات الدولية السيادية في العالم. هذا القانون الذي يدور الآن في الدهاليز الدستورية الأمريكية بحثا عن التفعيل، يجعلنا نتيقن إنما هو الخطة B البديلة لخطة سابقة حاولتها أمريكا.. ولم تنجح. فالفوضي الخلاقة، والربيع العربي، وتغيير بوصلة التحالفات، جميعها لم تفلح في تغيير خرائط المنطقة بالشكل المطلوب. ولو حاولنا أن (نفكر أمريكياً) بحثاً عن مسوغ لمثل هذا القانون وفي مثل هذا التوقيت، لنجد أنه يلخص سياسات أمريكا في المنطقة، ومحاولة إعطاء الشرعية لأي تحرك يحمي مصالحها، وهو أيضاً امتداد للاهتزازات الارتدادية لحادثة البرجين. فمنذ دخول الولاياتالمتحدة للمشهد العالمي بقوة وزخم، في الحرب العالمية الأولى، وانخراطها في صراع ثنائي الأقطاب وحرب نجوم مع روسيا، انتهاء بتحولها إلى شرطي العالم، وهي تمارس سياساتها، وتدير مصالحها بعقلية الكاوبوي ورعونته. هذا الكاوبوي الذي مابرحت جراحه تنزف بعد 11 سبتمبر ، لذا مابرح يطمح لعقاب شمولي بحجم هشام عنفوانه الذي تهاوى مع البرجين. وقانون جاستا لو تفعل واتخذ صيغة دولية لقوانين مشابهة، ستكون أمريكا هي أول المدانين فيها. ولو تجاوزنا تاريخ أمريكا الذي تأسس على مذابح ضد السكان الأصليين، والذي لخصه تشومسكي في كتابة 500 عام من الغزو. وبدأنا من قرننا الحالي فماذا لو قرر أهالي ضحايا مدينتي هيروشيما ونجازاكي محاكمة أمريكا بعد القنبلة النووية، 120000 ألف قتيل معظمهم من المدنيين، فقط لحظة اصطدام القنبلتين. 300 إلى 400 ألف مدني في الحرب الكورية. 3 ملايين و400 الف مدني في حرب فيتنام. مليون وثمانمائة ألف مدني في العراق بعد غزوه 2003. القائمة طويلة، وممتدة وشاسعة، وليس بها ما يدعو إلى الفخر أو القانون أو العدالة للكاوبوي الأمريكي. لذا فالخطة B تبدو فاشلة وغير ملائمة حتى الآن، ويفضل تحييدها على الأقل في الوقت الحاضر، لأنها بدت للعالم مضحكة كرتونية، وبحاجة للمراجعة. omaimakhamis@yahoo. com