قبل ثلاثة عشر شهرا بالتمام من تاريخ هذا اليوم كتبت في هذه الزاوية مقالا بعنوان: "القانون لسعر القاع السنوي للبترول" بتاريخ أغسطس/ 09/ 2015 قلت فيه ان الإنتاج العالمي للبترول وفقا لإحصائيات عام 2014 هو 88.67 مليون برميل في اليوم وبأن الاستهلاك العالمي للبترول لنفس العام هو 92.09 مليون برميل في اليوم. فتساءل البعض معترضين في تويتر قائلين كيف يمكن أن يكون الاستهلاك أكبر من الإنتاج بمقدار 3.42 ملايين برميل في اليوم ولابد أنه يوجد خطأ في نقلي للأرقام. الواقع انه لا يوجد بتاتا (كما وضحت للمعترضين في حينه) أي خطأ ولا تناقض بين الرقمين فالرقم الأول البالغ قدره 88.67 مليون برميل هو اجمالي انتاج البترول التقليدي والصخري والرملي وسوائل الغاز. ولكنه لا يشمل السوائل الأخرى غير البترولية التي يصنعها الانسان مثل الوقود الاحيائي (Biofuel) من المواد العضوية المشتقة من النباتات والمحاصيل الزراعية والمخلفات الحيوانية. كذلك لا يشمل أنواع الوقود السائل الأخرى التي يحصل عليها الانسان عن طريق تسييل الفحم وتسييل الغاز، وأيضا يحدث الفرق بين الكميات المنتجة والكميات المستهلكة نتيجة لحركة السحب من – أو الاضافة الى – المخزون. من الناحية الثانية فإن الجدير بالذكر الذي يحق فعلا للنقاد ان يعترضوا عليه هو أن انتاج البترول العالمي زاد الآن بمقدار 3.0 ملايين برميل عن ما كان عليه عام 2014 ولم ينخفض وهذا يتناقض (كما يبدو في الظاهر) مع قانون سعر القاع الذي يقول ان انتاج البترول سينخفض تدريجيا اذا بقيت أسعار البترول أقل من 50 دولارا للبرميل لأن المنتجين ذوي التكاليف العالية سيخرجون من السوق. باستعراض الوضع الحالي لسوق البترول نجد أنه بنهاية عام 2015 أي بعد سنة من تاريخ مقالي المذكور أعلاه لقد زاد (ولم ينخفض) الإنتاج العالمي للبترول الى 91.67 مليون برميل في اليوم، وكذلك زاد الاستهلاك العالمي للبترول الى 95.01 مليون برميل في اليوم أي لا زال الفرق بين الإنتاج والاستهلاك تقريبا كما كان عليه عام 2014 وهو 3.34 ملايين برميل في اليوم. واضح ان الأرقام الفعلية للسوق كما هي واردة بالتفصيل المذكور أعلاه تتعارض مع نص قانون سعر القاع للبترول الذي يقول: ان السعر السنوي (متوسط 365 يوما) للبترول هو عند مستوى 50 دولارا للبرميل. فهل هذا يعني أن القانون غير صحيح؟ الواقع ان القانون سليم (كما سنوضّح في بقية هذا المقال أدناه). لقد كان القانون يستند على خروج المنتجين للبترول ذوي تكاليف الانتاج العالية من السوق وهم كما حددهم القانون بأنهم بعض (وليس كل) المنتجين للبترول غير التقليدي مثل البترول الصخري وفعلا خرج المنتجون الحديون من السوق فأنخفض انتاج الولاياتالمتحدة وحدها وفقا لتقديراتي أكثر من 1.2 مليون برميل في اليوم. قد يعترض البعض قائلا إذا كان حقا انخفض انتاج البترول الأمريكي فكيف تبرر لنا تصدير أمريكا للبترول الخام بعد إزالة الحظر على تصديره الى أماكن متفرقة في العالم؟ جوابي وفقا لتحليلاتي الشخصية (وهذا تخصصي) ان البترول الخام الذي تصدره أمريكا معظمه قد يكون إعادة تصدير للبترول الخام الذي تستورده أمريكا من الدول الأخرى. قد يسأل البعض كيف يكسب التجار الأمريكان الذين يستوردون البترول بإعادة تصديره للخارج رغم فروقات تكاليف النقل؟ الجواب هو ان البترول الذي يستورده التجار مربوط بسعر ASCI وهو أقل من السعر الذي يصدرونه به للخارج وهو سعر غرب تكساس وسعر برنت. يتبقى نقطة أخيرة سنذكرها بسرعة وهي إذن من أين جاءت الزيادة في انتاج البترول؟ الجواب لقد جاءت من زيادة انتاج البترول التقليدي منخفض التكاليف فزاد انتاج بترول دول أوبك بزيادة غير مسبوقة أكثر كثيرا من انخفاض انتاج المنتجين ذوي التكاليف العالية وهذا هو السبب في تأخر توازن القانون.