حين تسقط البيضة من بطن الأم -وسواء كانت لطائر أو سلحفاة- تكون محايدة وغير محددة الجنس.. جنس الجنين يتحدد لاحقاً وفقاً لمقدار الدفء الذي توفره الأم وبرودة الجو زمن الإخصاب.. فكلما كانت البيضة دافئة -وتلقت كمية أكبر من الحرارة- كلما زادت فرصة ظهور الإناث.. وكلما تعرضت للبرودة -وكلما قلت نسبة الدفء وفترة الحضانة- كلما زادت فرصة ظهور الذكور.. أما في الظروف الباردة فتمنع البرودة عملية تكون الجنين تماماً -لهذا السبب لا يفقس البيض في ثلاجة منزلك-. والغريب أكثر أن تغيرات "الحرارة" لا تؤثر فقط على جنس الجنين لدى الطيور والسلاحف والكائنات البحرية، بل وأيضاً لدى إناث الثدييات وبني البشر؛ فمن المعروف أن الرجل -وليس المرأة- هو المسؤول عن تحديد جنس الجنين.. ومن المعروف أيضاً أن درجة الحرارة المرتفعة تؤثر على الخصيتين وتحد من إنتاج الحيوانات أو النواتج المنوية -وهذه بالمناسبة الحكمة من وجودها خارج الجسد حيث درجة الحرارة أقل-. والفرق بين النواتج الذكرية والأنثوية -التي ينتجها الرجل- يمكن ملاحظته بسهولة تحت المجهر. فالحيوانات الذكرية أصغر حجماً وأكثر سرعة، في حين تتميز الحيوانات أو النواتج الأنثوية بقدرتها على الصمود ومقاومة تأثير الحرارة لفترة أطول -سواء ظلت داخل جسم الرجل أو خرجت لجسم المرأة-؛ لهذا السبب يمكن للحرارة المصطنعة التي يتعرض لها الرجل أن تقضي على النواتج الذكرية لديه بنسبة أكبر وأسرع من الأنثوية. والدليل على هذا أن ذرية عمال الأفران ومصاهر الصلب وفنيي الأشعة يغلب عليها الإناث كون الظروف السلبية المتعلقة بأعمالهم -كالحرارة والإشعاع والتلوث- ترجح كفة الحيوانات الأنثوية على الذكورية الأكثر هشاشة!. وهناك وسيلة لتحديد جنس الجنين روج لها د. الأمريكي لانشيتلس منذ خمسينات القرن الماضي تعتمد على اجتماع الزوج والزوجة في التوقيت المناسب -وتبلغ نسبة نجاح هذه الطريقة 75 % إذا طبقت بدقة-.. فقد لوحظ أنه كلما كان اجتماع الزوجين قريباً من موعد نزول البويضة تكون الفرصة أكبر لتخلق الجنين أنثى.. وتفسير هذا الأمر يكمن في أن النواتج الذكرية أسرع وأنشط من النواتج الأنثوية -ولكنها تموت قبلها بعدة أيام-.. وهذا يعني أنها تصل للبويضة فور نزولها من مبيض الأم بشكل أسرع من النواتج الأنثوية.. ولكن في حال نزلت البويضة قبل أو بعد تواجد -الحيوانات المنوية- بعدة أيام فيكون المجال سانحاً للحيامن الأنثوية للتلقيح -إما بسبب وفاة النواتج الذكرية بوقت مبكر أو لضعفها الشديد بعد عدة أيام-. على أي حال؛ رغم وجود عوامل أخرى تساهم في تحديد جنس الجنين إلا أن تأثير الحرارة "المصطنعة" أصبح عنصراً ثابتاً ومؤكداً قد يلجأ إليه بعض الأطباء لتحديد نوع الجنين -بل وإصابة بعض الرجال بالعقم المؤقت-. لهذا السبب يتم تعليق لوحة صغيرة قرب حمامات الجاكوزي الساخن تحذر الرجال من احتمال تسبب المياه الساخنة بالعقم المؤقت!.