لم يتعجّب من خَبر سلوك النظام الإيراني حينما رفضت طهران الحج لهذا العام في ظل محاولات العبث بالحج والتي بدأت منذ ثلاثة عقود، الحج ذلك الركن الإسلامي العظيم والذي كانت تحاول بعض القوى تسييسه لمصالح بشرية ضيقة، وقد نشرت في هذه الزاوية عدداً من المقالات التي تناولت تلك المحاولات تحليلياً وتاريخياً حالة استهداف الحج طوال المرحلة الماضية! في تقرير نشرته العربية والمعنون ب:"رفضت إيران الحج فمنحت السعودية حجاج إيران من الخارج مقرها" 3 سبتمبر 2016؛ لم يتعجّب كذلك من عرف السياسة السعودية وخبرها منذ تأسيس المملكة وهي تختار أصدقاءها، لكنها لا تختار أعداءها، والسعودية التي تحتضن سنوياً ملايين الحجاج في مدنٍ مساحاتها ليست ضخمة في موسمي رمضان والحج، وتستطيع أن تخوض غمار تنظيم مثل هذا الحشد بكل هدوء حتى صارت التجربة السعودية نموذجاً فريداً يدرّس في مناهج إدارة الأزمات. مشكلة النظام الإيراني كما بعض الأيديولوجيات التي تربط بيت الشعائر المقدسة بالنسبة للمسلمين بمنظومة المشروع السياسي، لهذا تتحول الأماكن الساكنة بهدوء العبادة، والمسترخية بحمائم السلم إلى مناطق صراع، فشلت طهران في سنة 1987 وعلمتْ جيداً أن السعودية لا تحمي أرضها وأمنها القومي فقط، وإنما تحمي ملايين الحجاج الذين يمثّلون مليار ونصف المليار من المسلمين الذين يعتبرون هذا الموسم مقدّساً ويعتبرون المساس به إنما هو انتهاك للشهر الحرام والبلد الحرام الذي جعله الله آمناً للناس والحج، والسعودية بكل إمكانياتها تعمل على مدى أحد عشر شهراً من أجل هذه الأيام التي يأتي بها الحجاج لآداء المناسك. رفض النظام الإيراني السياسي للحج كان ضمن إدارة عاطفية ومحاولة بائسة لبلبلة الوضع في المنطقة، وحيلة العاجز لتحريض بعض العوامّ من هذه الدولة أو تلك على الظفر بثغرةٍ من أجل إصدار شغب، غير أن هذا الأسلوب بات قديماً، ولم يعد يجدي، ولئن حاول أحد تعكير الصفو فإن عدة الأمن السعودي التي تحمي إنسانية الحاج على أهبة الاستعداد بالتأكيد.