نجاحٌ ملموسٌ حققه مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض على مدار السنوات في مجال زراعة الخلايا الجذعية، حيث يُعتبر أحد أوائل المستشفيات الرائدة عالمياً في هذا التخصص الدقيق، فكم من مرض استعصى علاجه في السابق وتم الشفاء منه - بإذن الله - بشكل تام بعد الخضوع للزراعة. وعلى الرغم من حاجة عدد لا يُستهان به من المرضى للخضوع للزراعة، على اختلاف أنواعها: ذاتية، أو من متبرع قريب، أو من متبرع غير قريب، أو من الحبل السري والمشيمة، إلا أن هناك عدة عوائق للمضي قدماً، منها: عدم وجود متبرع مطابق للمريض، أو تخوف المريض من الخضوع للزراعة، أو تخوف المتبرع من القيام بالتبرع. ومن هذا المنطلق تأتي أهمية نشر الوعي والثقافة بين مختلف شرائح المجتمع حول هذا الموضوع وتبديد أي مخاوف أو معلومات مغلوطة، بهدف التشجيع على التبرع، وبالتالي المساهمة في إنقاذ مريض محتاج لا حول له ولا قوة سوى بانتظار أخبار مفرحة يزفها له أحد منسقي قسم الزراعة بوجود متبرع مطابق له. وذكر الأستاذ محمد السحيباني - زارع سابق للخلايا الجذعية -: «بعد عمل الفحوصات الدورية تم اكتشاف هبوط في تعداد الصفائح الدموية، وبناء على ذلك تم تحويلي على طبيب مختص بأمراض الدم، والذي طلب أخذ عينة من نسيج نخاع العظام، وكانت النتيجة إصابتي بما يُعرف ب"متلازمة خلل التنسج النقوي"، وفي حال وجود مثل هذه المتلازمة، يُنصح المريض بعمل زراعة الخلايا الجذعية، وكنتُ في تلك اللحظات أحاول اتخاذ القرار السريع، وعدم الاستسلام للخوف أو الوهم، فلم أجد إزاء هذا كلّه، إلا أن أستعين بالله، وأتوضأ في ليل لا يسمعني ولا يراني فيه سوى الله، وصليت ركعتين واستخرت الله، وبعدها وجدت نفسي قد انشَرَحَتْ لخوض هذه التجربة، فبادرت لإبلاغ أشقائي وشقيقاتي، الذين هرعوا لعمل تحليل مطابقة الأنسجة وفصيلة الدم». وأضاف: «ومن فضل الله وكرمه أن تطابقت شقيقتي معي تطابقاً كاملاً، فعَزَمَتْ أمرها بعد الاستخارة والاستشارة، وخاصة مشورة والدتنا لها، فبادرت بكل حب ووفاء، محتسبة ذلك عند ربها، وهنا أؤكد أهمية التبرع بالخلايا الجذعية، لأنها تمنح المريض أملاً في الشفاء بإذن الله تعالى، كما يُؤجر المسلم على هذا التبرع إذا أحسن النية لله، وقصد الإحسان إلى من تبرع له، وكيف بكَ أيها المتبرع عندما ترى مريضاً كاد أن يفقد الأمل، وكُنتَ سبباً في إنقاذ حياته بعد الله عزّ وجل، وأُشير هنا إلى أهمية نشر الوعي في المجتمع عن وجود مرضى يحتاجون لزراعة الخلايا الجذعية وليس لهم مطابقون من عائلتهم». واستطرد قائلاً: « وفي يوم الجمعة الموافق 21/10/1428 ه، اتجهتُ بعد أدائي لصلاة الجمعة إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في مدينة الرياض؛ لأبدأ رحلة الزراعة، وبعد أن تم إدخال القسطرة الوريدية المركزية في منطقة الصدر بهدف تلقي الخلايا الجديدة إضافة لأخذ المغذيات والعلاجات وسحب الدم اليومي، قام الأطباء بتجميع الخلايا الجذعية من شقيقتي ثم نقلها إليّ من خلال تلك القسطرة وكانت أسرع مما توقعت وقد أمضيت حوالي الساعة ونصف الساعة في تلقي هذه الخلايا، والتي تشبه إلى حد كبير أخذ وحدة الدمّ، وبعد ذلك بدأت مرحلة العزل الوقائي؛ نظراً لانخفاض المناعة لدي إلى أقصى حد، ومن ثم خضعت للعلاج الكيميائي على مدار ثلاث جرعات وذلك في اليوم الأول والثالث والسادس، بهدف تخفيف نسبة مهاجمة الخلايا المزروعة للجسم». وأكد: «سألتُ الله تعالى أن يجعل ذلك قوةً لي على طاعته، وبلاغاً إلى حين، وأنْ تكونَ أوقاتُ الفراغ مليئةً بالفائدة، فكان القرآن الكريم أكبر أنيس لي في خلوتي فتحسنت نفسيتي وازدادت معنوياتي، وكان أمراً مفاجئاً بالنسبة لي حين زارني الطبيب يوم الاثنين الموافق 01/12/1428ه، وأخبرني بأنه قد كتب لي إذناً بالخروج من المستشفى، فخرجتُ إلى بيتي، وإلى الحياة الجميلة من جديد، وخلال مراجعاتي المتتالية كنتُ حريصاً على إقناع بعض المرضى الذين ألتقي بهم في صالة الانتظار، بأهمية المسارعة إلى إجراء الزراعة عند النصيحة الطبية بذلك، كما وَثَّقتُ تجربتي كاملة في كتاب، لأفيد به أحبة تعرضوا لمثل ما تعرضت له، وآخرين قد يمرون بظروف مشابهة، لعلها تحمل من الفائدة ما ينير لهم الطريق بإذن الله». ونوّه الدكتور فهد بن إبراهيم المحارب، رئيس قسم أمراض الدم وزراعة الخلايا الجذعية للبالغين في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، والاستشاري المتابع لحالة الأستاذ محمد السحيباني، على أهمية الانضمام لسجل المتبرعين بالخلايا الجذعية، والذي يساهم بشكل كبير في إنقاذ العديد من الحالات، التي لم يتوفر لديها متبرع مطابق من الأشقاء والشقيقات، حيث تعتبر الزراعة هي العلاج الشافي- بإذن الله - للعديد من الأمراض الخبيثة كبعض حالات سرطان الدم والأورام الليمفاوية، والحميدة أيضاً كأمراض نقص المناعة الوراثية والأنيميا المنجلية والثلاسيميا. وأخيراً أعلن الدكتور فهد عن إقامة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، لحملة توعوية تتمركز حول أهمية التبرع بالخلايا الجذعية والمبادرة بالانضمام لسجل المتبرعين بالخلايا الجذعية، تمتد بين الفترة 17 - 28 من شهر ذي الحجة 1437 ه، وذلك في البهو الرئيسي لكل المباني الرئيسية للمستشفى، وذلك بهدف نشر أكبر قدر من المعلومات ولتصل لأكبر قدر من موظفي المستشفى ومراجعيه وزائريه، حيث ستتواجد فعاليات هذه الحملة في كل من بهو مبنى الأورام، وبهو البرج الشمالي، وبهو مبنى العيادات الخارجية، وستكون الحملة على مدار الأسبوعين، ومن الساعة ال 10 صباحاً حتى ال 2 ظهراً يومياً، وبتواجد أخصائيي التثقيف الصحي ومقدمي الرعاية الصحية للإجابة عن أسئلة الجمهور، كما أن الدعوة عامة. * قسم خدمات التثقيف الصحي