لم تعلم فاطمة بنت فهد بن سعيد أنها عبثت بتاريخ والدها الفنان الراحل فهد بن سعيد «1360-1424ه» بعد أن ظهرت في تقرير «mbc في أسبوع» وسردت رواية درامية عن والدها ليس لها أي معنى ولا تقترب من الحقيقة التي يعرفها أقل متابع لسيرة الفنان الراحل الذي أثرى الثقافة الغنائية وكان نموذجاً رائعاً قدم أعمالاً وجدانية احتلت مكانها البارز في تاريخ الأغنية السعودية. تحدثت فاطمة عن حياته وأساءت له من حيث لا تدري، خاصة عندما تحدثت عن سبب ظهور الأغنية الوجدانية «خلاص من حبكم يا زين» والتي عشقها وتغنى بها فنانون من الخليج والعرب، حيث خلطت الحابل بالنابل وجاءت برواية نسمعها للمرة الأولى!. ولا ندري من أين استمدتها لترويها بهذه الثقة وترسخها بين الناس؟. كان من المفترض على فاطمة أن تفتخر بوالدها الذي كان ضمن أول فرقة موسيقية عسكرية في قطر، وتعتز بأنه ضمن المؤسسين لجمعية الثقافة والفنون في الإمارات بداية السبعينيات. لا يمكن أن يقبل تشويه حياة فهد بن سعيد من أقرب الأقربين له، تقول فاطمة إن أغنية «خلاص من حبكم» ظهرت بعد موقف شخصي حصل لوالدها مع زوجته الأولى التي طلقها بعد هذا الموقف. وهذا بالطبع غير صحيح إطلاقاً لأن الأغنية من تأليف الشاعر محمد الجنوبي -رحمه الله- الذي كان قد تحدث ل»الرياض» عن هذه الأغنية قائلاً إنه توجه إلى مدينة الرياض حاملاً معه قصيدة شعرية متوقعاً أن يكون لها صيت كبير وهي بعنوان «خلاص من حبكم» وكان عمره حينها لم يتجاوز التاسعة عشرة ربيعاً، وذهب بها إلى «إبراهيم العجيان» صاحب تسجيلات التلفون، حيث كان على موعد مع الفنان فهد بن سعيد الذي أعطاه القصيدة، وتم تركيبها على لحن أغنية قديمة عنوانها «نامت عيون الناس» التي لحنها عبدالله السلوم، وما ان انتهى ابن سعيد من تسجيلها حتى حظيت بنجاح منقطع النظير. هذه هي المعلومات الأكيدة التي رواها من كتب الأغنية ولم يكن هناك إشارة لأي موقف شخصي خاص بفهد بن سعيد مثلما أرادت إيهامنا ابنته. أما قضية الطلاق التي ذكرتها فاطمة فهي أيضاً لا تمت للواقع بصلة، والمعروف عن فهد بن سعيد أنه لم يفكر بالزواج قبل العام «1976» حينها توجه إلى منزل يعرفه ليخطب أخت صديقه بعدما أبلغهم برغبته بالزواج، وذلك بعد عودته من الإمارات العربية المتحدة بعام، وعندما طرق باب الدار، إذا بطفل يفتح الباب ويفاجئه بأن «ليس في المنزل أحد» رغم أنه شاهدهم خلف الستار، فكان مشهداً محبطاً له في يوم الخميس الذي ترجمه في أغنيته الشهيرة «يوم الخميس العصر مريت الأحباب». أما زواجه الأول فيروي هو بنفسه حكايته عام 1400 عندما تزوج من فتاة هندية بعد أن قرر أن يعصِّم نفسه كما يقول -في حديث سابق- «إنه استخرج تأشيرة زواج من وزارة الداخلية آن ذاك، ليعود إلى الهند في نيته الزواج من امرأة تعرف عليها وتقدم للزواج منها، لكن الله لم يكتب لهذا الزواج الاستمرارية»، وذلك لأن الزوجة الهندية رفضت أن تأتي إلى المملكة مبررة أنها يتيمة وترعى أخوتها الصغار ولا تستطيع تركهم خاصة أنها كانت على وشك التخرج من الجامعة لتصبح مدرسة. ترك ابن سعيد لها الحرية وابتعد عنها. يقول ابن سعيد في حديثه إن الزواج من الفتاة السعودية حينها كان صعبا جداً «فقد كانوا يرفضون الفنان في المجتمع ولا يزوجونه من بناتهم، معللين أنه شخص يتركها ويسهر مع الطرب!». وفضل التفرغ لفنه إلى أن قرر الاعتزال ثم تزوج بعد ذلك من والدة فاطمة. هذه هي القصة الحقيقية التي يبدو أن فاطمة لا تعرفها جيداً. أما قصة أغنية «خلاص من حبكم يا زين» فهي أشهر من نار على علم وقد رواها أكثر من عايشها، خاصة شاعرها الجنوبي، وكنا نتمنى من ابنته أن تتريث في الحديث عن تاريخ والدها وأن تدرسه جيداً قبل أن تقدم روايتها التي لا تستند إلى الحقيقة. فهد بن سعيد (رحمه الله) محمد الجنوبي مؤلف أغنية «خلاص من حبكم»