سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«السعودية» و«الصين».. من «التجارة» واستقبال «الحجاج» إلى العلاقات الإستراتيجية الفعالة عبر الارتقاء في السياسات الخاصة بالقوة الإنتاجية لتدعيم نقل التكنولوجيا وتطوير القطاعات وتنويع الاقتصاد
قبل 75 عاماً مضت، بدأت العلاقات بين المملكة العربية السعودية، وجمهورية الصين الشعبية شاملة مختلف أوجه التعاون والتطور، إذ بدأت في شكل علاقات تجارية بسيطة تتمثل في استقبال الحجاج الصينين وصولاً إلى علاقات بشكلها الرسمي في عام 1990م. وفي تطور لافت لتلك العلاقات الكبيرة بين البلدين تشكلت رغبة لدى البلدين قبل 7 أعوام للتشاور حول بناء "الحزام" الاقتصادي لطريق "الحرير" وطريق "الحرير البحري" في القرن ال20، حيث أكد الجانبان في العام ال2008م على وجود إمكانات ضخمة للتعاون العملي بين البلدين، واستعدادهما لتعزيز التنسيق، والارتقاء في السياسات الخاصة بالقوة الإنتاجية لتدعيم نقل التكنولوجيا، وتطوير القطاعات، وتنويع الاقتصاد. وبالرجوع إلى العلاقات بين المملكة والصين، فإن البداية انطلقت باتفاق بين البلدين من خلال إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما، تتضمن تبادل السفراء، وتنظيم اجتماعات على المستويات السياسية، والاقتصادية، والشبابية، وغيرها. لكن العلاقات بين المملكة، والصين تتميز عن غيرها بالتماشي مع التطور الذي يشهده العالم من حيث تنفيذ بنود الاتفاقات التي تقوم عليها العلاقات، أو تطويرها لتتوائم مع متغيرات العصر. في عام 2008م، تم الإعلان عن إقامة علاقات الصداقة الإستراتيجية بين البلدية، وتطويرها بين الشعبين الصديقين، إضافة إلى تعزيز التعاون الوثيق في المجالات السياسية، والاقتصادية، والتجارية، والثقافية، والإنسانية، والعسكرية، والأمنية، والطاقة، بما يرتقى بالعلاقات إلى مستوى أعلى سواء كان على المستوى الإقليمي، أو الدولي. ومنذ بدء العلاقات بين المملكة العربية السعودية والصين سجلت تلك العلاقات نمواً وتقدماً ملحوظاً في العلاقات بين البلدين، حيث صدر في العاشر من شهر ربيع الآخر بيان مشترك بين البلدين بشأن إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين تماشياً مع الرغبة المشتركة لدى البلدين في زيادة وتعميق التعاون في المجالات كافة، والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة. وشدد الجانبان السعودي والصيني في البيان الصادر بشأن تلك الاستراتيجية على بذل الجهود لتطوير التعاون في مجالات عدة أبرزها، المجال السياسي والذي يتفق فيه الجانبان على انه في ظل التطور المستمر للتعددية القطبية في العالم، والعولمة الاقتصادية يزداد الطابع الاستراتيجي والعالمي للعلاقات السعودية والصينية يوماً بعد يوم، وأصبح كلا البلدين شريكاً مهماً لبعضهما البعض على الساحة الدولية، إضافة إلى أن الجانبان ينظر كل منهما إلى العلاقات بينهما بنظر استراتيجية، وطويلة المدى، ويعملان بتطوير العلاقات مع الجانب الاخر كتوجه مهم في علاقاتهما الخارجية. كما تضمن البيان حرص الجانبان على تبادل الزيارات الرفيعة المستوى وتعزيز التواصل الاستراتيجي حول العلاقات الثنائية، والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتوثيق التعاون الاستراتيجي، وتوطيد الثقة الاستراتيجية المتبادلة. وأكد الجانبان السعودي والصيني على اهتمامهما بآليات التشاور بين البلدين في مختلف المجالات، وعلى كافة المستويات، وسيتخذان إجراءات فعالة لتحفيز، وتسهيل تبادل الافراد بينهما، وتعزيز التواصل، والاستفادة المتبادلة في المجالات كافة ، إضافة إلى التأكيد على الدعم المتبادل للمصالح الحيوية لبعضهما البعض، حيث أكد الجانب السعودي على مواصلة الالتزام الثابت بسياسة الصين الواحدة، فيما شدد الجانب الصيني على دعمه لجهود الجانب السعودي للحفاظ على امن الباد واستقرارها، وتطوير اقتصادها، وتحسين معيشة شعبها، ودعمه قيام الجانب السعودي بدور أكبر في الشؤون الإقليمية، والدولية. «حزام» اقتصادي لطريق «الحرير» وطريق «الحرير البحري» في القرن ال20 وفيما يتعلق بالطاقة، أبدى الجانبان رغبتهما في استمرار تعزيز علاقات التعاون في مجال الطاقة، حيث أكد الجانبان على أهمية استقرار السوق البترولية للاقتصاد العالمي، كما أبدى الجانب الصيني تقديره للدور البارز الذي تقوم بهد المملكة العربية السعودية لضمان واستقرار أسواق البترول العالمية باعتبارها مصدراً آمناً، وموثوقاً، ويعتمد عليه في إمدادات البترول للأسواق العالمية. وشدد الجانبان على رفضهما القاطع للإرهاب بجميع أشكاله، وصوره التي تهدد السلام، والاستقرار في شتى أنحاء العالم، واستعدادهما لتعزيز التعاون الأمني، مؤكدين على رفضهما ربط الإرهاب بأي دين، أو مذهب، حيث أشاد الجانب الصيني بالجهود التي تبذلها الحكومة السعودية في محاربة الإرهاب، إضافة إلى تقديره للمملكة لإقامتها مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب. واتفق الجانبان على أن جميع الحضارات يجب أن تتبادل الاحترام، والتسامح بما يحقق التعايش المنسجم بين مختلف الحضارات البشرية، حيث أشاد الجانب الصيني بالجهود السعودية الفاعلة لتعزيز الحوار، والتواصل بين مختلف الحضارات، والأديان، مؤكداً استعداده إلى جانب السعودية ببذل الجهود المشتركة للحفاظ على التنوع الحضاري بروح التسامح، والاستفادة المتبادلة، مثمناً في الوقت نفسه الجهود السعودية في إقامة مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان، والثقافات في فيينا. ويرى الجانب السعودي، والصيني على أهمية الحرص بشأن مواصلة الالتزام بمبدأ المنفعة المتبادلة، والكسب المشترك لإجراء التعاون العملي، وتفعيل دور آلية اللجنة السعودية الصينية المشتركة للتعاون في المجالات الاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية، والفنية، وذلك لإثراء مقومات التعاون باستمرار، وتوسيع الاستثمار المتبادل، ومواصلة تعميق التعاون في مجال البنية التحتية، وحسن التعامل مع المشاريع المتبادلة في مجالات السكك الحديدية، والطرق، والجسور، والاتصالات، والموانئ، وغيرها. وأكد الجانبان على تقديرهما لإطلاق التعاون في مجالات الفضاء، وإطلاق الأقمار الاصطناعية، والاستخدام السلمي للطاقة النووية، والطاقات الجديدة، وما حققه هذا التعاون من نتائج ، ومؤكدين استعدادهما لمواصلة دفع التطور المستمر للتعاون المعني. ولم يخف الجانب الصيني إعجابه، وإشادته بمشاركة الجانب السعودي كعضو مؤسس في إنشاء "البنك" الآسيوي لاستثمار البنية التحتية، إذ يحرص الجانبان على تعزيز التعاون في مجالات عدة، وبذل الجهود المشتركة لدفع التنمية والنهضة في منطقة آسيا. ولم يغيب المجال الاقتصادي عن الشراكة الاستراتيجية بين السعودية والصين، إذ عقد البلدان خمس دورات للجنة السعودية الصينية المشتركة، إضافة إلى متا يقوم به مجلس الأعمال السعودي الصيني من جهود لدعم العلاقات التجارية، والاستثمارية بين رجال الأعمال في البلدين، لاسيما وأن قطاع الأعمال يلعب دوراً محورياً في تنفيذ الأهداف التي تجتمع اللجنة من أجلها. وسجلت العلاقات الاقتصادية بين البلدين الصديقين توقيع عدد من الاتفاقات في مختلف المجالات سواء فيما يتعلق باتفاقات ثنائية بين الحكومتين، أو اتفاقات بين رجال الأعمال في البلدين، ووصل حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة إلى 71.3 مليار دولار، إذ ترتكز غالبية صادرات المملكة إلى الصين في البترول. وبلغ عدد المشاريع السعودية الصينية المشتركة 88 مشروعاً برأس مال مستثمر فيها بلغ قرابة ال537 مليون دولار، إضافة إلى أن الشركات الصينية تسهم في تطوير عدد من المشاريع في المملكة. ويرى وزير التجارة الصيني قاو هو تشنغ أن المملكة العربية السعودية هي الشريك الرئيس للصين في الشرق الأوسط، ودول الخليج، مشيراً إلى أنه ومع نهاية عام 1435ه بلغ حجم الاستثمارات الصينية في المملكة قرابة 5.6 مليارات دولار، في حين بلغ عدد الشركات الصينية التي تعمل في المملكة 150 شركة. وأكد أن المملكة العربية السعودية تعد الوجهة الأولى في الشرق الأوسط للاستثمار من قبل الشركات الصينية منذ 13 عاماً. وتعددت الزيارات المتبادلة بين البلدين لتشمل قادة البلدين، والبعثات الرسمية، والدبلوماسية، والتجارية، وصولاً إلى عدد من الزيارات السياحية والشبابية، حيث قام رئيس جمهورية الصين الشعبية شين جين بينغ العام الماضي بزيارة إلى المملكة العربية السعودية عقد خلالها لقاء مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بجلسة مباحثات رسمية قبل أن يدشنان مشروع شركة ينبع أرامكو ساينبوك للتكرير (ياسرف)، والذي يمثل صرحاً جديداً للشراكة بين المملكة والصين. اللقاءات رفيعة المستوى تعزز من الشراكة الشاملة بين البلدين