قيمة البئر عند العرب لا تُقدر بثمن، وكم من الأدبيات والأشعار أطلقت في منفعة الآبار وكيفية التردد عليها. ما زال عديد من الناس يعتمدون على الآبار في إمدادهم بالماء خاصة في المناطق الريفية كما تحصل العديد من المدن على مياهها من الآبار، حيث يكون الماء الجوفي عادة نقيًا لأن التربة تعمل عمل المرشِّح الجيد. وغالباً تحوي معادن مذابة، والبئر التي يخرج منها ماء به نسبة عالية من المعادن تسمى البئر المعدنية. والبئر وجموعها آبار لها أسماء كثيرة خصوصا في العامية. ودخل في أمثالنا العامية فقلنا: أنت تعرف البئر وغطاه. مع أنه لم يذكر أن الآبار تُغطى، لكننا قبلنا المثل، وتعاطيناه. قالوا إن أحد المدرسين وهو من السودان وما ألطف طُرَفهم تعّين في منطفة (أبيار علي) قرب المدينةالمنورة. وبعد سنة نقل إلى مدرسة في بلدة اسمها (بير الماشي) وبعد سنة أو سنتين جاء نقله إلى مدرسة في (بير المحرم) فكتب إلى مدير التعليم بالمدينةالمنورة قائلا: فقط قولوا لي، جزاكم الله خيرا، أنا مُدرّس أو دَلُو؟ والبئر الارتوازية اسم شائع في العربية الفصحى والعامية. وجاء الاسم من فرنسا والكلمة أصلها Artesian Well نسبة لمنطقة تكثر فيها الآبار المعتمدة على المياه الجوفية. وعندنا في المملكة شهرة تاريخية/أثرية لبعض الآبار، وتعتبر بئر هداج من أهم معالم مدينة تيماء الأثرية الشهيرة في المملكة العربية السعودية، ورمزها التراثي القديم، وهي من أشهر آبار الجزيرة العربية وأغزرها وأعمقها، يبلغ قطرها 50 قدما وعمقها 40 قدما، ذات شكل دائري غير منتظم، ضرب بها المثل بالكرم فوصف الرجل المعطاء ب"هداج تيماء"، وتقع داخل إطار دائري من أشجار النخيل الباسقة. تستمد بئر هداج أهميتها من الدور الذي لعبته في حياة الأقدمين والمحدثين حيث جعلت من مدينة تيماء مدينة زراعية كثيرة النخيل، هائلة البساتين وذلك لسعتها ووفرة وعذوبة مائها، وتعتمد بئر هداج في مائها على إنتاجية العين الموجودة في زاويتها الجنوبية الغربية والتي لايزال ماؤها يتدفق حتى وقتنا الحاضر وتنتقل المياه منها الى المزارع بواسطة احدى وثلاثين قناة تبدأ من حواف البئر وتتفرع الى البساتين على مختلف مواقعها ما جعل تيماء جنة في الصحراء. يعتقد أن بئر هداج حفرت في منتصف الألف الأول قبل الميلاد، اي حوالي منتصف القرن السادس قبل الميلاد، وذلك اعتمادا على مقارنة طريقة بنائها مع العديد من المعالم الاثرية المؤرخة مثل قصور الرضم والسور والحمراء التي تعود الى العهد البابلي بشمال السعودية. 357