تعد بئر هداج من أشهر آبار الجزيرة العربية بعد بئر زمزم عبر قرون طويلة، حيث عرفت بعطائها السخي والمتواصل، حتى أرجع البعض إليها الفضل في جعل محافظة تيماء والمناطق المحيطة بها أرض بساتين ونخيل وزراعة، وقد أطلق أهالي المنطقة على هذا البئر التاريخي العريق “شيخ الجوية”، أي شيخ الآبار، نظرا لقدمه وغزارة مائه ووفرتها، حتى باتوا يطلقون على كل كريم فيهم “هداج تيماء”. تاريخ عريق وبئر هداج مضرب للأمثال منذ قديم الزمان لكثرة الماء فيها، وقد ذكرها الشعراء في كثير من القصائد التي أشادت بها وبكرمها وعراقتها، حيث يقال إنها حفر وطويت جدرانه في منتصف القرن السادس قبل الميلاد، وقد اعتمد في تأريخه على مقارنة طريقة بنائه مع العديد من المعالم الاثرية المؤرخة مثل قصور الرضم والسور والحمراء التي تعود الى العهد البابلي شمال الجزيرة العربية. وتقوم الآن لجان متخصصة على إجراء الدراسات الشاملة عن حالة البئر في السابق وحالتها الحالية، والخروج بنتائج متكاملة لإرجاع هذه البئر إلى سابق عهدها، من خلال مشروع ترميم البئر وتنظيم المنطقة المحيطة بها، من أجل استكمال الاجزاء الناقصة فيه ليعود إلى صورتها السابقة وتستأنف دورها الحيوي والفعال كما كانت في السابق، وكذلك جعل البئر مقصدا سياحيا للكثير من الزوار والسياح الذين يقصدون محافظة تيماء بمنطقة تبوك. مياه دفاقة ولهذه البئر التاريخية 50 محالة وبكرة للسواني، والمحالة هي التي يتم جذب الماء من خلالها بواسطة الابل، حيث يبلغ محيط فوهتها خمسة وستين مترا، وعمقها أكثر من خمسين مترا. ويعتمد في مائها على انتاجية العين الموجودة في زاويتها الجنوبية الغربية والتي لايزال ماؤها يتدفق حتى وقتنا الحاضر، وتنتقل المياه منها إلى المزارع بواسطة إحدى وثلاثين قناة تبدأ من حواف البئر وتتفرع إلى البساتين على مختلف مواقعها. سبب التسمية وحول أسباب تسمية بئر هداج بهذا الاسم اختلف المؤرخون، حيث ذكر خبير الآثار الدكتور عبدالرحمن الأنصاري في كتاباته ان هناك صلة بين لفظ «هداج» وبين اسم «هدد» أو «أدد» إله الماء لدى الساميين، وخاصة الآراميين الذين استوطنوا تيماء في أوائل الألف الأولى قبل الميلاد. وهذا هو الرأي الارجح عند الاثاريين. بينما يقول اللغويون إن “هداج” على وزن شداد، اشتقاقاً من الهدج وهو مقاربة الخطو في السير أو الاسراع، وذلك إشارة إلى سرعة الماء في هذه البئر.