أيام قليلة ويبدأ موسم الحج، أفواج ضيوف الرحمن بدأت بالتوافد لأداء الفريضة التي يتطلع كل مسلم لأن يؤديها ويكمل مناسكها حسب أركانها ليعود كما ولدته أمه خاليا من الذنوب والخطايا، حال لم يرفث ولم يفسق وكانت نيته خالصة لوجه الله عز وجل، وأعطى لهذه العبادة حقها، وأقام لها حقوقها. الحج شعيرة عظيمة وسميت سورة في القرآن الكريم باسمها، وهي السورة الوحيدة في القرآن كله التي سميّت باسم ركن من أركان الإسلام لما للحج من مكانة عظيمة وجب على العبد في أدائها أن يكون متوجها لله عز وجل بكل جوارحه، مخلصا راجيا متذللاً ان يتقبل الله حجه، مبتعدا عن كل ما يمكن ان يفسد أداء الشعيرة التي يؤديها دون منغصات قد تعكر عليه صفو أدائها. ومع اقتراب موسم الحج وبدء توافد ضيوف الرحمن الى الاراضي المقدسة نرى أن كل اجهزة الدولة على اتم الاستعداد لاستقبال تلك الوفود بما يسهل عليهم اداء فريضتهم ويجعلهم متفرغين لاداء مناسكها في اجواء روحانية صافية، وذلك ليس بجديد فعند انتهاء موسم الحج تبدأ الاستعدادات للموسم المقبل، وهذا في كل عام منذ عقود طويلة. المملكة دائما ما سخرت كل إمكاناتها من اجل راحة وأمن ضيوف الرحمن، وما أدل على ذلك إلا المشروعات الجبارة التي تم تشييدها في الحرمين الشريفين وفي المشاعر المقدسة، وصُرفت عليها مليارات الريالات من اجل ان تستوعب أعداد الحجيج وتسهل حجهم او عمرتهم او زيارتهم للمدينة النبوية الشريفة، مشروعات عملاقة قلما نجد لها نظيرا في دول العالم، مشروعات لم تتوقف عند حد معين بل هي ورشة عمل مستمرة على مدار العام من اجل تحقيق افضل النتائج التي تخدم ضيوف الرحمن وتسهل عليهم أداء شعائرهم. عقد متكامل من الخدمات بكل ما تعنيه العبارة ، فالحج ليس إنشاءات فقط بل هناك الأمن الذي هو عنصر رئيس في اكتمال منظومة الحج، فالدولة تسهر على أمن الحجيج، وتنقّلهم بين المشاعر بكل سلاسة لانجد لها نظيراً، فأن يجتمع ملايين الحجاج بين المدينتين المقدستين والمشاعر في وقت واحد وباتجاه واحد فذاك ليس بالامر السهل، وإن يبدُ سلساً لنا، وأن تقدّم خدمات غير منقوصة لملايين الحجاج على اختلاف مشاربهم واختلاف عاداتهم وتقاليدهم ولغاتهم فذاك أمر يحتاج أن يكون التنظيم على مستوى عال من الحرفية والمهنية التي هي موجودة بالفعل. وكون دولة مثل إيران لاتريد أن تلتزم بالانظمة والقوانين التي تم قبولها من جميع الدول الاسلامية لتنظيم شؤون الحج فذلك يعني أن الحج لا يعنيها كشعيرة إسلامية عظيمة بقدر ما أن لها اجندة سياسية في الموسم العظيم تريد تنفيذها وتلك الأنظمة تمنعها من ذلك، وهذا ليس بتجنّ إنما هو حقيقة واقعة لها شواهد كثيرة.