حظي سوق عكاظ باهتمام خاص من سمو مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز، الذي يقول: «إننا نحتفل بسوق عكاظ العربي الإسلامي الذي ابتدأ في عصر الجاهلية، واستمر في العصر الإسلامي، وها هو اليوم يعود على أيدي العهد السعودي الزاهر، برعاية خادم الحرمين الشريفين، بسواعد وبفكر وبإرادة هذا العهد المتنور، لإعادة الثقافة والفكر والإبداع إلى بلد الثقافة والفكر والإبداع، وإلى هذا المجتمع الذي أراد له الله -سبحانه وتعالى- أن ينهض في العهد السعودي المستنير. إن سوق عكاظ هو مشروع القرن». لكن دعونا نتحدث عن سوق عكاظ من منظور تاريخي، سوق عكاظ أحد الأسواق الثلاثة الكبرى في الجاهلية بالإضافة إلى سوق مجنة وسوق ذي المجاز وكانت العرب تأتيه لمدة (20) يوماً، من أول ذي القعدة، ثم تسير إلى سوق "مجنة" فتقضي فيه الأيام العشر الأواخر من شهر ذي القعدة ثم تسير إلى سوق "ذي المجاز" فتقضي فيه الأيام الثمانية الأولى من شهر ذي الحجة ثم تسير إلى حجها. ويعتبر (عكاظ) سوقاً لكل البضائع المادية والأدبية، فإضافة إلى البضائع المادية كالتمر والسمن والعسل والخمر والملابس والإبل، فهو سوق للبضائع الأدبية، فيأتي الشعراء بقصائدهم لتعرض على محكمين من كبار الشعراء، ومن المظاهر التي كانت تسود سوق عكاظ: المفاخرة والمنافرة بين الناس. وربما قامت حروب بسبب منافرات قيلت في السوق كحرب الفٍجَار. ومن الممكن أن يرى زائر السوق بعض الآباء يعرض بناته للتزويج. وقد يحضر السوق بعض الخطباء المصاقع. وهي أيضا ندوة سياسية عامة، تقضى فيها أمور كثيرة بين القبائل؛ فمن كانت له إتاوة على قبيلة نزل عكاظ فجاءوه بها، ومن أراد تخليد نصر لحيه فعل فعل عمرو بن كلثوم فرحل إلى عكاظ وخلده فيها شعرا، ومن أراد إجارة أحد هتف بذلك في عكاظ حتى يسمع عامة الناس، ومن أراد إعلان حرب على قوم أعلنه في عكاظ. ونحمد الله أن سوق عكاظ وهو موروث تاريخي مهم جداً استعاد في انبعاثه الجديد تفاصيل كثيرة من سيرة السوق الأولى، من خلال عروض جادة عكاظ، والتي حظيت بإقبال كبير على متابعتها من الزوار من الأفراد والعائلات، ومن بينها حي عكاظ، حيث أقيمت بيوت الشَّعر المصنوعة من مواد خاصة وجهزت من الداخل على الطراز العربي، لتحاكي أحياء العرب التي كانت تقام في السوق قديما. واشتمل العروض أيضا على أعمال مسرحية درامية تاريخية متنوعة «مسرح الشارع»، مثلت جوانب الحياة والأنشطة التي كان يشهدها سوق عكاظ قديما، وتقدم باللغة العربية الفصحى، إضافة إلى عروض أخرى لإلقاء الشعر العربي الفصيح، وخصوصا «المعلقات» والخطب البلاغية التي بنيت عليها شهرة سوق عكاظ، ويؤدي تلك الأعمال ممثلون محترفون وهواة على طول الجادة. كما استعاد السوق جانباً من تفاصيله القديمة برؤية عصرية حديثة عبر أعمال مسرحية متميزة جسدت في العامين الماضيين شخصية امرؤ القيس وطرفة بن العبد، زهير بن أبي سلمى، وعنترة بن شداد، ونتوقع أن يشهد السوق تجسيد بقية شخوص شعراء المعلقات العشر.