وهي -البلاغة- توجد في المتعلم والأمي، فهي موهبة قبل أن تكون دراسة.. والثقافة تزيدها جمالا وروعة، أما الفصاحة فتمنحها انتشارا، بينما الحديث والشعر باللهجة المحلية يحصر تذوق بلاغته في الذين يعرفون لهجة ذلك البليغ ويتذوقون مواطن الجمال فيها بسبرهم أغوار المأثورات الشعبية.. إذن، فإنه ليس كل مثقف بليغاً حتى لو كان تخصصه بلاغة، وقد رأينا أساتذة البلاغة الذين أمضوا أعمارهم في تدريس قواعدها في الجامعة، فإذا كثير منهم يفتقد موهبة البلاغة حين يكتب أو يشعر، ويأتي بمحسنات صناعية تختلف عن البلاغة الموهوبة اختلاف الورد الطبيعي عن الصناعي. ومن خلال دراستي البلاغة في كلية اللغة العربية، شعرت أن مقرراتها تركز على القواعد الجامدة ولا تهتم بروائع الشعر البليغة، ولا بالنثر الفني الرائع، بل هي قواعد تقوم على الاستقصاء وتستعين بعلم المنطق، والبلاغة بمفهومها الرائع لا تحتاج إلى علم المنطق، بل تشتاق لروائع الآداب والفنون لأنها تنتفض فيها مجبورة.