يتصف العظماء من خلال استقراء سيرهم عبر التاريخ، بثلاث صفات مشتركة فهم يمتلكون رؤية واضحة وأهدافا محددة، ولديهم عزيمة قوية واصرار على النجاح، والمناعة من الاستسلام والفشل، ولا شك أن الاهداف العظيمة يترتب عليها تحديات كبيرة، والمملكة قدرها أن تكون دولة عظيمة، بعقيدتها ومكانتها الرائدة في العالم العربي والاسلامي، وموقعها الجغرافي بين ملتقى الحضارات ومكانتها التاريخية، وثقلها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، مما يحتم عليها أن تكون دولة رائدة وقوية ومنتجة في الوقت نفسه. وكما أسلفنا فإن الأهداف العظيمة يترتب عليها تحديات كبيرة، ولا شك أن أهم الاهداف الاقتصادية التي تسعى اليها المملكة، وغيرها من الدول المنتجة للبترول، يكمن في تحسين وتنويع الاقتصاد وتحصينه من تقلبات اسعار النفط، حيث ان الاعتماد على البترول وحده أمر سلبي وفي غاية الخطورة على الاقتصاد، ومن هنا بدأت الحاجة الى وضع خطة التحول الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل لدعم موازنة الدولة ومتطلبات الانفاق التشغيلي والرأسمالي، للمحافظة على مستويات النمو، وضمان الاستقرار الاقتصادي في المستقبل. ونعتقد أن التحديات التي تواجهها المملكة كثيرة وكبيرة، ابتداء من تحمل عبء الرسالة الاسلامية الصحيحة تجاه البشرية فلا عزة لهذه الدولة الا بالإسلام، فاذا تخلينا عن الحق نشط أصحاب الباطل في نشر عقائدهم الفاسدة، وكذلك عدم الاستفادة من مواطن القوة في مكونات الدولة بشكل عام، وضعف اداء الأجهزة الحكومية وتأخير تنفيذ مشاريع التنمية، وعدم ملاءمة مخرجات التعليم لسوق العمل، والحاجة الى توفير السكن ومعالجة مشكلة البطالة والفقر وتوفير الأمن الغذائي وخدمات الصحة والنقل والسياحة والترفيه بشكل افضل، ويبقى عنوان الخطة الاستراتيجية للتحول الوطني 2030، بناء دولة رائدة وقوية ومنتجة وقادرة على معالجة كافة التحديات، وتحقيق عوائد مالية وايجاد بيئة استثمارية جذابة، وعقد شراكات مع الكيانات الاقتصادية العالمية الناجحة، مما يجعل المملكة العربية السعودية شريكا استراتيجيا وعضوا فاعلا ومؤثرا في الاقتصاد العالمي والقرارات السياسية الدولية ونخلص الى أن معالجة التحديات يتطلب أولا الاهتمام أكثر بدراسة نتائج القرارات المتعلقة بسياسة الدولة المتعلقة بتحسين الاقتصاد وتحصينه مستقبلا، من خلال رفع كفاءة الأجهزة الحكومية ومحاربة الفساد، وثانيا توطين التقنية والصناعة باعتبارها الخيار الاستراتيجي للتحول الى دولة منتجة، وذلك بدعم وتفعيل مشاركة القطاع الخاص ليتحمل مسؤوليته في توفير فرص العمل للمواطنين وزيادة الصادرات غير النفطية، ونعتقد أن مشاركة الآخرين نجاحاتهم من خلال ايجاد صندوق سيادي ضخم يستثمر في الشركات العالمية والاسهم والسندات والعقارات، تشرف عليه وحدة استثمارية متخصصة تضم أفضل النخب الاستشارية الوطنية المشهود لها بالأمانة والقوة لقوله تعالى (إن خير من استأجرت القوي الأمين) كفيل بإذن الله بأن يخطو بالمملكة العربية السعودية خطوات متقدمة بشرطين الحذر من مخادعة الأرقام والمؤشرات الاقتصادية، وتوطين الشركات الناجحة، وأخيرا ألا يتجاوز حجم الانفاق العائد من الصندوق حفاظا على حقوق الأجيال القادمة.