بعد مقتل زعيم حركة طالبان الأفغانية الملا أختر منصور في مايو الماضي وتعيين الملا هيبة الله أخوند زاده رئيساً جديداً للحركة، بدأت الأوساط الإعلامية تتساءل عن الهدف الذي حققته الإدارة الأميركية من وراء اغتيال الملا منصور في غارة أميركية مفاجئة داخل الحدود الباكستانية مع أن ذلك لم يؤثر في كيان حركة طالبان ومقاومتها ضد التواجد الغربي في أفغانستان حسب وجهة نظر المراقبين الإقليميين. ويقول المتخصصون في الشؤون الاستراتيجية في باكستان، بأن تعيين الملا هيبة الله قائداً للحركة اعتبر رسالة واضحة من قبل حركة طالبان الأفغانية مفادها بأن حركة طالبان أصبحت أقوى من السابق بعد مقتل الملا أختر منصور الذي لم يكن يحظى بتأييد واسع بين صفوف بعض فئات حركة طالبان الأفغانية بجنوب أفغانستان، على عكس المولوي هيبة الله الذي يحظى بتأييد كبير من قبل فصائل الحركة التي تنشط بجنوب أفغانستان بالقرب من الحدود الإيرانية، ويعود سبب ذلك إلى أن غالبية قادة فصائل طالبان يعتبرون تلاميذ الملا هيبة الله وقد درسوا على يديه ويعتبرونه قائداً روحياً لهم. ويرى خبراء آخرون بأن اللاعبين في أفغانستان قد دخلوا إلى مرحلة حاسمة، بينما تؤكد الغارة الأميركية عجز واشنطن في البحث عن حل للقضية الأفغانية لوجود مقاومة شعبية مسلحة ضد التواجد الغربي تتمثل في حركة طالبان التي يصعب القضاء عليها أو الدخول معها في اتفاق أو التفاوض معها أو شراء ولائها أو حتى تفكيك كيانها بتصفية زعمائها. ويؤكد المراقبون للأوضاع الإقليمية بأن حركة طالبان قد كثفت قتالها ضد التواجد الغربي والقوات الأفغانية وتمكنت في الفترة الأخيرة من السيطرة على بعض المناطق بشمال أفغانستان، ما دفع الإدارة الأميركية إلى تكثيف جهودها لإتمام المصالحة الأفغانية، إلا أن تلك الجهود باءت بالفشل بسبب عدم جدية الدول الوسيطة، ووصل الأمر إلى اغتيال الملا أختر منصور داخل الأراضي الباكستانية لينتهي الموضوع بكشف الغطاء عن تدخل إيران هي الأخرى في ترتيب البيت الأفغاني. ويبقى الملف الأفغاني عالقاً دون حل، بينما يقوم اللاعبون حالياً بتوزيع أوراقهم لخوض شوط آخر من لعبة لا يمكن تحديد عدد مراحلها، إلا أن ما يمكن تأكيده هو أن طالبان تسعى لإقامة إمارة أفغانستان الإسلامية لاستعادة هويتها المفقودة في أفغانستان، بينما يسعى اللاعبون الغربيون إلى تحقيق العكس وذلك في الوقت الذي تراجعت فيه إمكانية إقناع طالبان على المصالحة حسب الخطة الأميركية بعد اغتيال قائدها الملا أختر منصور في غارة أمريكية بغرب باكستان.