أُثلج صدورنا قرار مجلس الوزراء إنشاء هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة ضمن قرارات عدة أشعرتنا بالتميز والزهو، وهذه الهيئة ستكون أهدافها بلا شك حلا جذريا وحيويا لرفع نسبة التوظيف وتقليل نسب البطالة. هي هيئة والآمال معقودة على نتائجها والتي ستتضح على مدى السنوات القادمة، ولكن وربما كمواطنين نتطلع لبعض النتائج العاجلة حتى وان كانت تغييرا في صياغة لائحة أو إصدار قرار تأتي نتائجه لاحقا، لكننا حتما نتطلع إلى نتائج ملموسة ومكاسب سريعة أو كما تسمى باللغة الانجليزية Quick wins. ولذا قد يكون من مهام الهيئة الآنية رصد جميع الوظائف المشغولة حاليا بأجانب من واقع إحصائيات الجهات المختلفة في القطاعين العام والخاص، ووضع الحلول الجذرية اللازمة لشغلها بالمواطن وإشراكه في تلك الحلول من خلال الإعلام الاجتماعي كتويتر مثلا، وتذليل كل العقبات في سبيل ذلك، سواء كانت حلولا تدريبية أو غيرها، وتهيئة بيئة عملية مناسبة لشغلها. كما قد يكون من المهام الضرورية مراجعة التخصصات العلمية الحالية في جهات التعليم كافة على مستوى المملكة، ومقارنة مخرجاتها مع الحاجة الفعلية للسوق بعد رصد احتياجاته القائمة حاليا، والمستقبلية التي تتطلبها رؤية المملكة 2030، فهذه معلومات متوفرة وتحتاج إلى جمع وتحليل فقط. ومن المهام الآنية دراسة الأنظمة الحالية والإجراءات المنظمة لسوق العمل في كافة الجهات الحكومية والخاصة وتطويرها بما يساهم في تحقيق الرؤية وتحفيز وتسهيل الالتحاق بسوق العمل. من ذلك أيضا ومن منطلق الشفافية إنشاء قاعدة بيانات شاملة يسهل الوصول إليها الكترونيا بحيث تضم كل الوظائف المتاحة في المملكة المشغولة بغير السعودي، وتًرصد متطلبات شغلها بدقة وصدق، بالإضافة إلى قاعدة بيانات وطنية تضم بيانات الراغبين في الحصول على عمل، أو الراغبين في الانتقال إلى عمل آخر مناسب لمؤهلاتهم وتخصصاتهم ومشغولة بمتعاقد، فيتم بذلك توطين الوظيفة بمن تنطبق عليه الشروط. وفي الجانب الآخر قد يكون من الملائم ولتسهيل رصد وإنشاء قاعدة البيانات تأمين نموذج الكتروني يمكن للراغبين إدخال بياناتهم بما فيها مؤهلاتهم وخبراتهم، ويتم إيجاد آلية لتدقيقها والتأكد من صحتها. أيضا قد يكون من المهم البدء في توليد الوظائف بالتعاون مع الشركات الأجنبية المتواجدة والمستثمرة في السوق المحلي والداخلة مستقبلا، بالتنسيق مع الهيئة العامة للاستثمار، وذلك بوضع بند "إلزامي" ويعاقب الإخلال به في عقود الشركات ينص على نسبة معينة لتواجد المواطن السعودي سواء من خلال التوظيف المباشر في تلك الشركات، أو تدريب تعاوني ينتهي بالإحلال ونقل الخبرة وشغل وظيفة الأجنبي بسعودي بمدة تحددها طبيعة الوظيفة. وتجدر الإشارة إلى أن عقود الشركات الأجنبية تتضمن بنداً للمسؤولية الاجتماعية إلى أنه "غير ملزم" وربما من الضروري الاستفادة من هذا البند في تحقيق هدف التوظيف. أيضا وربما من خلال التعاون والتنسيق مع هيئة تنمية المشروعات الصغيرة وهيئة الاستثمار، أن يكون هناك إلزام للشركات الأجنبية الكبرى بتبني الشركات السعودية الناشئة فيما يسمى بالصناعات التكميلية، ومثال بسيط على ذلك إلزام الشركات بالتاثيت من خلال مصانع سعودية واستخدام ورق أو بلاستك من خلال صناعات سعودية، ومواصلات من خلال شركات نقل سعودية يؤسسها مبادرون ورواد سعوديون، والاستعانة بشركات تنظيم وتنفيذ مناسبات سعودية...الخ. أيضا دعم إنشاء ورش صناعية بأيدي شباب سعوديين (تقديم خدمات تصليح السيارات وخلافه)، ومغاسل سيارات وهذه خدمات مربحة ويمكن القيام بها بتدريب مهني بسيط. ومن المجدي إنشاء مراكز تقديم خدمات السباكة والكهرباء من خلال تأهيل صاحب عمل سعودي وعمال سعوديين مهرة والدعم بتقديم رأس مال بقرض حسن من خلال جهات التمويل، وبشكل عام إيجاد آلية لدعم المبادرين ليكون لهم دور في عمل الشركات الكبرى الأجنبية، فيؤمنون الخدمة ويوظفون أنفسهم وآخرين من السعوديين. بلادنا مليئة بالفرص والجهات الأجنبية محظوظة بحصولها على عقود للاستثمار فيها، وقد يكون هناك آلية لتوظيف السعوديين المبتعثين في تلك الشركات في أوطانها بعد تخرجهم مباشرة كتدريب لهم وقبل قدومهم للمملكة، ومن ثم إلحاقهم لاحقا بالعمل في مكاتبها في المملكة بعد عودتهم. لا زال عمل المرأة محط اهتمام الجميع، ولا زالت الحاجة قائمة لتوفير المزيد من الوظائف، ومما يثلج الصدر أننا نشاهد ذلك واقعا حتى لو كان ذلك مجرد عمل بسيط لبائعة في محلات التسوق، وما يتيحه ذلك من راحة للمتسوقات في محال بيع المستلزمات النسائية على وجه الخصوص، لكننا نحتاج للمزيد من الوظائف القيادية وإيجاد كل السبل الكفيلة بذلك. كما قد يكون من المهم تحفيز العمل في المناطق النائية وتأمين السكن الملائم والنقل المناسب، لاسيما للمعلمات والسيدات بشكل عام، فذلك من شأنه توفير الوظائف وإحلال السعوديات، وبملاحظة شخصية أرى أن هناك الكثير من الفرص الوظيفية في المراكز التعليمية والطبية في تلك المناطق وهي تعج بالوظائف التي يمكن إحلالها. دور القطاع الخاص كبير من باب رد الجميل للوطن بإنشاء المصانع، وعلى الجهات المعنية تسهيل إجراءات إنشائها ومنحها التراخيص اللازمة لاستقطاب المواطنين للعمل فيها، وهذا واجب وطني قبل أن يكون مشروعا ربحيا، وقد يكون ذلك بالتعاون والدعم من صندوق تنمية الموارد البشرية، وإنشاء مصانع تخدم التقنية ومجال الاتصالات التقنية قد يحقق أكثر من هدف. أجزم بأن هناك من يفوقني خبرة وعلما في تحقيق ذلك، لكنها كانت مقترحات لعل هناك من سبقني إليها لكن الواجب يحتم أن يدلي كل منا بدلوه في سبيل تحقيق رؤيتنا للعام 2030 وكان الله من وراء القصد.