صدر عن دار أزمنة في عمان كتاب "رسائلنا ليست مكاتيب" الذي يتضمن رسائل الكاتب الراحل مؤنس الرزاز بين 1976 - 1981 وردود الروائي إلياس فركوح عليها بين 2013 - 2015. واحتضن الكتاب كما أعده إلياس فركوح سيرتين مجزوءتين: سيرة ذاتية ثقافية لجيل من المثقفين العرب، صالحَ بين الغضب والأهداف النبيلة، وحصد رماداً يحرق العيون، وسيرة أخلاقية إبداعية لأديبين مختلفين، تحتفي بذات المبدع وتزهد بالشعارات الفارغة، وتعطي الكتابة تعريفاً لا يلحق بها الإهانة. كتب الناقد الدكتور فيصل دراج في تقديمه للكتاب "في الرسائل المتبادلة بين مؤنس الرزّاز وإلياس فركوح، ما يعلن عن مفارقة حزينة وجميلة، وما يخبر عن استذكار واستبصار حميم متميز، يواجه عبث الزمن القاسي بكتابة متجددة، يأتي حزن المفارقة من رحيل أحد الطرفين، جاء الموت إلى مؤنس مبكراً وقيده إلى الصمت، وتصدر جمالية الرسائل عن فضيلة الوفاء، التي جعلت إلياس يحمل ضجيج الحياة إلى صديق غادره؛ إذ جسد بالكتابة المسافة الموجعة بين زمنين وأخبر على طريقته عن قوة الكتابة التي تصرخ، وتهمس، وتحاور، وتشاكس، وتستقر في موقع محاصر بالاحتمالات". أما الروائي إلياس فركوح فقد بين أن الرسائل "رسائل تبادلها صديقان في أوقات متواترة، أحدهما ثابت في مدينته يرسل ويستقبل، والثاني غادرها ليرتحل في أكثر من مدينة ويمارس الفعل نفسه: الكتابة. وعبر هذا الفعل واصلا تواصلا كان شبه يومي من قبل، آخذَين على عاتقهما ردم المسافات الفاصلة ليصير لهما أن يتحاورا، أن يتحاورا في أي أمر يخطر لهما، كما هي عادتهما، حين كانا يتواجدان في مدينة واحدة، يتحاوران بما يخص اهتماماتهما، وهمومهما، وأحلامهما، ومشاريعهما، وواقعهما اليومي، ورؤيتهما للعالم من حولهما". وأشار فركوح في حفل إشهار الكتاب إلى أن هذه الرسائل تحمل مستجدات قائلا "بين عامي 1976 - 1981 كُتبت رسائلنا، ست سنوات حافلة بمستجدات استدعت منا التحاور بشأنها: ما يتعلق بالكتابة والقراءات، أو السفر، أو الحياة الشخصية والعلاقات مع الآخرين، أو الحزب. اثنتان وعشرون رسالة شهدت على كيفية تناولنا لجميع ما حصل، وما اتفقنا عليه واختلفنا فيه. غير أن نقصاً جوهرياً أصاب (كتلة) الرسائل بوصفها صوتين مختلفين؛ متصلين متواصلين، وبوصفه مشروعاً تجميعياً يبتغي التوثيق والتأريخ: لقد فُقدت رسائلي لدى مؤنس بسبب ارتحالاته المستمرة بين المدن والقارات، بينما احتفظت برسائله عندي في عمّان طوال الوقت". كما وصف دراج الرسائل بأنها "وثيقة تستعيد زمناً مضى، تواجهه بحاضر تقهقر عنه إلى تخوم الانقطاع تقريباً، كان مؤنس يتحدث عن الأمل والنشوة: 'رسالتك بعثت في أملاً ضاعف من نشوتي. 1/3/1977'، قبل أن يتحدث إلياس، بعد ثمانية وثلاثين عاماً، عن عالم غاضت إنسانيته: 'العالم يتصحر يا أخي كل يوم، يحتشد بجموع الضباع ويصخب بعواء الذئاب، دولا، وفرقا، وأحزابا، وأديانا ملفقة'، لم يكن ما كان مثالياً، لكنه قابل للتحمل، ولا يفصح عن كارثة".