رجل في الخامسة والخمسين من عمره كان يشتكي من ألم في صدره يأتيه على شكل نوبات خلال الأسابيع الماضية ولكنه كان يتجاهله ويمني نفسه انه من "ريح" او "حموضة" او "عضلات".. الخ وقد حاول عدة مرات ان يخفي هذا الألم عن اقرب الناس اليه ولكن كانت وتيرة الألم تزداد مع الوقت..حتى حدث ذلك الموقف المحرج امام زوجته التي أًصرت ان يذهب الى الطبيب ويفحص سبب الألم ولا يهمله.. فقرر زيارة طبيب القلب رقم 1 حيث عمل له الفحوصات اللازمة فقال له لديك تضيق بسيط في الشرايين التاجية وتحتاج الى علاج بالأدوية فقط فاذا فشلت اتجهنا الى القسطرة العلاجية فأخذ منه المريض خطة العلاج بالأدوية ولكن المريض لم يحب أن يأخذ دواء الكولسترول لكثرة ما يسمعه عنه من جلسائه في الاستراحة من انه يضعف الباءة ويضعف عضلات الجسم الى اخره.. فقرر ان يذهب إلى طبيب القلب رقم 2 فعمل للمريض فحوصات معينة وقال له لابد من عمل قسطرة للقلب.. فوافق المريض وتم وضع أربع دعامات في اثنين من الشرايين التاجية وطلب منه المتابعة..ولكن المريض استاء جدا وتضايق لأن الالم الذي كان يشتكي منه لازال موجودا على الرغم من وضع اربع دعامات في شرايينه التاجية. ولذلك قرر الذهاب إلى طبيب القلب رقم 3 !! حيث وجد ذلك الطبيب أن الدعامات لم تفد المريض كثيراً إذ لا يزال يعاني من ضيق التنفس والألم في صدره؛ فقام بتغيير أدويته وبالذات منشطات عضلة القلب... ولكن المريض حصل له غثيان من أحد الأدوية، فقرر أن يذهب إلى طبيب القلب رقم 4.... الخ.. هذه للأسف قصه حقيقية يراها الكثير من أطباء القلب في المستشفيات وحينما ترى مثل هذه الحالات تتعاطف معها كثيرا ولكن جزءا من مشكلة المريض انه لا يتابع ويراجع طبيبا واحدا لأن المريض إذا أراد ان يجمع أحسن ما في علم الأطباء فسيخرج من ذلك بخفي حنين لأنه لم ينتظم على خطه علاجية واحدة بالذات في مرضى القلب وهناك مبادئ مهمة يجب أن نؤصل لها ويعرفها المريض ليستفيد الاستفادة الكاملة من طبيب القلب المتابع لحالته: أولاً: من حق المريض بلا شك أن يأخذ رأي طبيب آخر!! ولكن من قوانين ممارسة الطب ولمصلحة المريض الشخصية أن يرجع إلى طبيبه الأول فإن اتفق مع ذلك "الرأي الطبي الآخر" استمر معه أو يُعطى المريض الخيار بالانتقال نهائياً إلى "طبيب آخر" يرتضيه لنفسه مهما كانت نوعية المنشأة التي تقدم تلك الخدمة. ثانيا: من الواضح أن رأي أكثر من طبيبين مختصين في الحالة نفسها أفضل من رأي طبيب واحد بشرط أن يتناقشا في الموضوع ويُجمعا على خطة علاجية واحدة أو ما يسمى عند العامة (فريق الكونسولتو)... ولكن في المقابل رأي طبيب واحد أفضل بكثير من رأي طبيبين لم يتحدثا إلى بعضهما البعض ويتناقشا في تلك الحالة؛ فيضعان المريض على مفترق طرق حيث يعاني ذلك المريض من غياب خطة العلاج. ثالثا: يريد بعض المرضى أن يأخذ أفضل ما عند طبيب رقم 1 في العلاجات ورقم 2 في الجراحة ورقم 3 في التشخيص ورقم 4 بسهولة الاتصال به... الخ فينتهي بعشرة أطباء في ملفه بدون خطة علاج واضحة يتحمل مسؤوليتها واحد منهم ويرجع إليه في كل مشاكله الطبية المتعلقة بحالته الصحية على أساس جدار متين من الثقة المتبادلة بينهما. رابعا: الأطباء بشر ولهم مشاعر وليسوا ملائكة مُنزَلين من السماء وليسوا منزهين عن الخطأ والزلل، ولكن يجب على المريض إذا اشتكى من اعراض جانبية للدواء او لم تختفِ الشكوى التي جاء من اجلها ان يراجع طبيبه ويناقشه في كل ما يعاني منه حتى يضع له خطة علاجية في التعامل مع تلك الأعراض سواء من الأدوية أو المرض نفسه فان لم تنجح تلك الخطة فقد اعطى لطبيبه الفرصة الكافية ويطلب منه ان ينقله الى طبيب اخر بدون أي مشاعر استياء من الطرفين. خامساً: كثرة تعدد الآراء وتغييرات الأدوية يجعل المريض يشكك في مهنة الطب ككل ويكره كل الأطباء ويترك أدويتهم ويتجه إلى أساليب أخرى من العلاج الشعبي التي قد تضره. بل قد تقوده إلى حتفه. سادسا: المريض يحاول بتلك الطريقة الهروب من الأخطاء الطبية المنتشرة.. ولكنه بذلك كالمستجير من الرمضاء بالنار بل أوضحت الدراسات أن المرضى الذين يُكثرون التنقل بين الأطباء هم أكثر المرضى عرضة لمضاعفات الأدوية والمرض نفسه بسبب بسيط جداً ألا وهو غياب الخطة العلاجية واضحة المعالم. كثرة تعدد الآراء وتغييرات الأدوية يجعل المريض يشكك في مهنية الطبيب