جعل الله الأمان رأساً في النعم، ولا قرار أو ازدهار بدونه، وكل من يعرف بلادنا حماها الله أو يسمع عنها يعي حجم نعمة الأمن التي تعيشها، وهذا الأمر يقض مضجع كل حاقد علينا، وتظهر مستميتة بعض العمليات الإرهابية رامية إلى إحداث أي قدر من القلاقل؛ وما تلبث أن تخنس بفضل الله تعالى ثم بما رزق الله الأعين الساهرة من توفيق ويقظة. إن حدوث مثل هذه التفجيرات المتهالكة لهو دليل انهيار نفسي وتنظيمي لدى القائمين عليها، ويؤذن -بمشيئة الله- بإشهارهم راية الاستسلام ولو بعد حين. وهنا أؤكد على نقطتين؛ الأولى: أن ما يفعله شرذمة متطرفة في بعض نواحي مملكتنا الغالية من محاولات تفجير تقطر حقدًا وحسدًا؛ لا ينبغي أن يتسرب من خلالها إلى أذهان الناس لاسيما البسطاء منهم أن هذا اختراق ناجح لأمن المملكة العربية السعودية، فالأمن محفوظ بحفظ الله، والدولة ساعية في سبيل تحقيق ذلك على أكمل وجه بتوفيق الله، ويؤكد ذلك حالة الاستقرار النفسي والمادي الذي يعيشه كل من هو على أرض المملكة في مقابل الاضطراب النفسي والفشل المتتابع لهذه الأعمال الغاشمة، ولن تزال بلادنا محفوظة بحفظ الله ما دامت تتمثل قول الله تعالى في سورة الأنعام: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ). والنقطة الثانية: أن النظر والبحث في مسببات هذا الأمر؛ أن يبلغ الانحراف بالشخص إلى قتل نفسه أو قتل أهله لأجل تحقيق معنى يعتقده في نفسه بهذا المستوى من الرعونة لا ينغي أن يقف عند مسألة التطرف العقدي والغلو الفكري؛ بل إن الغلو العقدي في جزئه الأكبر هو مطية لتنفيذ خطط تهدف إلى إفساد صلاح المملكة وشعبها، وضرب بعض أهلها ببعض، إن الحرم المكي والمسجد النبوي محل تقديس كل المسلمين على اختلاف ألسنتهم، وأن تصل الدناءة بسفيه يقصد التفجير بجوار ثاني أعظم بقعة للمسلمين لدليل على أن وراء الأكمة من يخفي رأسه ولا يبديه، وأن ثمة من يفيد في تنفيذ مخططاته لزعزعة أمن واستقرار المملكة ونيل مآربه من خلال استغلال سفهاء الأحلام والمتطرفين هؤلاء. فلا يجدر أن يغفل عن دراسة هذا المنحى وتقصيه، وبحمد الله ثم ما عليه بلادنا حماها الله قيادة وشعبا عشنا وسنعيش عيدنا - بإذن الله- ولو أرادوه إرهابا. * مدير إدارة الأبحاث والدراسات بمجلس الشورى