في أبريل الماضي شدد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام القمة الإسلامية الأخيرة في إسطنبول قائلاً: "إن واقعنا اليوم يُحتم علينا الوقوف معًا أكثر من أي وقت مضى لمحاربة آفة الإرهاب، وحماية جيل الشباب من الهجمة الشرسة التي يتعرض لها، والهادفة إلى إخراجه عن منهج الدين القويم، والانقياد وراء من يعيثون في الأرض فسادًا باسم الدين الذي هو منهم براء"، وبالأمس وفي خطاب بمناسبة عيد الفطر الذي سبق حلوله بأيام وقوع تفجيرات متفرقة في أماكن عدة في العالم الإسلامي، عدّ خادم الحرمين المحافظة على الشباب من الأفكار المنحرفة والمتطرفة والسلوكيات الشاذة والغريبة أكبر التحديات التي تواجه العالم الإسلامي، متوعداً بالضرب بيد من حديد كل من يستهدف عقولهم وتوجهاتهم. بين الخطابين فاصل زمني قصير، إلا أنه يكشف استشعار الرياض أن خطر اعتناق الشباب لتلك الأفكار يعني دخول المنطقة رحلة طويلة ضد الصراع مع الأفكار "الراديكالية" التي تجد في الحالات الاختلافية على المستوى الوطني والاضطرابات الإقليمية فرصة لتسلل وتشكيل خلايا وتنفيذ مخططات تخدم توجهاتها في وقت قد تكون الحكومة منشغلة في حل مشاكلها. جاء الخطاب الأخير تحذيرياً وهذا يعني أن المحرضين والمروجين والداعمين لتلك الأفكار من أصحاب الخطابات المتطرفة والانتهازية سيُستهدفون بشراسة ودون رحمة، بعد أن حولوا خزان الشباب الذي يفيض من المنطقة إلى وقود لأفكارهم وأجندتهم ليسود التوحش ويصبح الدم سيد الموقف، مستغلين الوضع السياسي المتأزم في المنطقة وحالة التراجع العربية والإسلامية. في العالم الإسلامي نسبة معتبرة من السكان ينتمون لفئة الشباب، وكأي فئة في هذا العمر دائماً ما يكون مستوى التطلعات مرتفعاً والطموح في حالة انتشاء متصلة والاندفاع لا يعيقه حاجز، وهذا مكمن خطر صريح إذا لم يجد طريقاً سالكاً يمضي فيه ليحقق أحلامه وتطلعاته ورغباته.. إن العالم العربي والإسلامي مطالب أكثر من أي وقت مضى بضرورة الاستماع إلى شبابه واحتضانهم لكي لا تتلقفهم أيدي التطرف التي تعمل على إفقادهم الثقة في دولهم وإحباطهم مما يسهل من استقطابهم وتوظيفهم في مهمات الهدف الرئيسي منها القضاء على الوطن.