عندما وضع مشرعو نظام الخدمة المدنية أسسه فيما يخص حقوق الموظف الحكومي وواجباته لم يكن يخطر ببالهم مايحدث لدينا الآن من عجائب في القطاع العام، بل ربما خدموا الجانب السلطوي الذي يكتسبه المدير أو المسؤول المريض بدون أن ينظروا للجانب الإبداعي لدى الموظف الخلاق الذي ربما يملك مالا يملكه مديره المباشر، وربما لم يتخيلوا أن ياتي يوم من الأيام يكون فيه الموظف أكثر علماً وخبرة وتخصصاً من مديره حتى ولوكان قدره أن يكون رئيسه نزقاً عنصرياً يتعامل معه بفوقية ولايقبل مقترحاته لتطوير أداء العمل التي يتقدم بها لرفع مستوى وكفاءة الإدارة التي يعمل بها، حتى ولو كان فيها خير ومردود جيد للجهاز الذي يعمل به بصفة عامة، بل ربما يستخدم أسلوب القمع والإحباط بوسائل عديدة مثل (أعد الدراسة.. أو ضع تصوراً) اكتسبها بحكم موقعه ليظهر نفسه أمام المسؤول الأول في الجهاز بأنه هو الوحيد الذي يعمل ويفكر وأنه الرجل المناسب في المكان المناسب.. خوفاً منه وما يمكن أن يحدثه إعطاؤه الفرصة للموظف من تغيير أو تطوير أو أن تتنبه الإدارة العليا لمثل هذا الموظف وتبدأ في فتح الباب أمامه وإعطائه الفرصة مما يهدد وضع هذا المسؤول ومكانته في أعين رؤوسائه أو إدارتة العليا وبالتالي يفقد ماتمكن بوسائله الأفعوانية من الحصول عليه من مميزات وصلاحيات وعلاقات حصل عليها أصلا بسبب وجوده في هذا الموقع لابجده وتميزه. هل يتخيل البعض أنه وصلت بالبعض من هؤلاء المركزية أنك تلاحظ المدير العام لجهة معينة أو مسؤولاً في إدارة يفترض بها أن تكون مثالاً يحتذى في الترابط وحسن العلاقة وتفويض الصلاحية قبل أن تبدأ في تحسين العلاقة مع الجمهور الخارجي وصلت بمديرها العام إلى أن وضع في مكتبه جهازاً للحاسب الآلي يقوم هو بنفسه من خلاله بمعظم أعمال إدارته بحجة حرصه على سرية مايعمله ومدى صلة ذلك بأسرار العمل وخوفه من موظفيه أن يتعلموا شيئاً أو أن يتدربوا على شيء وتنتفي الحاجة حينها له بسبب أنه يرى نفسه دخيلاً على هذا الموقع من المسؤولية.. حقاً إنه لشيء مضحك.. وشر البلية مايضحك. والعجب العجاب حينما تسنح لك الفرصة لتتجول في أنحاء إدارته فتجد أن هناك مايقارب العشرة إلى الثلاثة عشر موظفا تتراوح مراتبهم مابين الرابعة إلى العاشرة بعضهم أفنى عمره في هذه الإدارة ولديه من الخبرة والمعرفة مايستطيع معه أن يدير شؤونها بدون هذه المظاهر وهذا التزلف وتقديم المصالح الشخصية على المصلحة العامة، أليس من واجب المسؤول عن أي إدارة صغيرة كانت أو كبيرة أن يحرك دفة العمل ويشرف عليه ويوجهه ويخطط لتطويره والارتقاء به لا أن يحبطه ويعتبره ملكه خاصا، فتجد مكتبه يمتلئ أوراقا ومعاملات وغيره من موظفي إدارته يجلس واضعاً ساقاً على ساق لايوجد لديه مايعمله رغم أن أعمال هذه الإدارة كانت قبل قدوم هذا المسؤول تتم بدون هذه الأجواء الاحتفالية السرية، أليس من واجبه أيضاً أن يدرب زملاءه على مهام ووظائف الإدارة وما يستحدث من أعمال ويقوم بتحديد المسؤوليات ووصف الوظائف تبعاً لما تقوم به إدارته، لا أن يسخر موظفيه لخدمة أهدافه للتقرب للإدارة العليا فيهضم حقوقهم ويستغلهم فيكلفهم بمهام خارج الأوقات الرسمية للعمل بدون وجه حق حريصاً في ذلك على عدم وجود مايثبتون به حقوقهم رسمياً وأنهم قاموا بتلك المهام.. فقط بطريقة.. تكفى يافلان.. واحتسب ياعلان.. بل إن بعض الإدارات لدينا إلى الآن لايوجد بها وصف وظيفي لمهامها أو ماتقوم به من مهام، بسبب تصرفات رعناء لمثل هؤلاء النوعيات من المدراء الذين خدمهم الحظ فألقى بهم في هذه المواقع فأخذوا يغرفون باليمين والشمال متناسين مبدأ الأمانة وأن الله يحاسب الجميع على مايعملون. لانقول لهؤلاء إلا الله يحاسبكم يوم يكون الحساب ألم يكن من المفروض أن تكونوا قدوة وأنتم في مثل هذه المواقع مؤتمنين عليها وتعتبر نبراساً للهدي ومنابع للعلم بل وعلى صلة مباشرة بجماهير المنشأة، ولا تتوقعون أن هناك اليوم من الموظفين الواعين بحقوقهم وواجباتهم سيستكينون أو يرضون بالمهانة وطرق التعامل التي تبدونها والعنصرية التي تتملككم ونحذرهم من أن هناك طرقاً عديدة لانتزاع الحقوق وإيصال صوت الموظف للمسؤولين في قطاعاتهم هذه إحداها وندعو الله أن يحفظ لنا ولاة أمرنا الذين لم يألوا جهداً في سبيل الإصلاح الوظيفي وندعوه جل وعلا أن يأتي يوم ويكشف هؤلاء الناس للمسؤولين وتتضح نواياهم وعقدهم التي أعلنت وجودها الكريه في عقولهم بموقف أو بكلمة.