لئن كانت شانيا توين واحدة من أنجح المطربات في جميع الأوقات، وبرغم شهرتها وثروتها التي تفوق مئة مليون دولار، ومع كل ما ظلت تسجله من نجاح إثر نجاح في مشوارها الفني المتميز، وبصفة خاصة في الآونة الأخيرة، فإنها تقر بأنها لا تشعر بما يشعر به المشاهير من نابهي الذكر وذائعي الصيت، وهي لا تزال مسكونة بهاجس الطفولة البائسة الذي ما فتئ يمثل كابوساً جاثما على صدرها، حيث عانت وقتها الأمرين وكابدت مرارات الماضي وقسوة الحرمان وشظف العيش، عندما كانت العائلة تقتات على الخبز والحليب فقط، وزاد الطين بلة موت والديها عنها وهي لم تتجاوز ربيعها الحادي والعشرين - مما دفعها إلى تأجيل أحلامها لكي تتفرغ لتنشئة إخوتها الثلاثة الأصغر منها سناً. ففي مقابلة صحافية مع هذه المطربة التي ولدت في كندا والبالغة من العمر 39 سنة تحدثت شانيا عن فقدان الطمأنينة وعدم الإحساس بالأمان كما تطرقت لزواجها الذي كان قدرا محتوما من منتج التسجيلات الصوتية روبرت مت لانج البالغ من العمر 54 عاماً وحكت كيف أن حياتها تغيرت وانقلبت رأساً على عقب بعد أن أصبحت أماً وأنجبت ابنها إيجا الذي يبلغ عمره ثلاث سنوات وتعرضت أيضا لأسباب حبها للطبخ والتنظيف. فيما يلي مقتطفات من تلك المقابلة: ٭ ماهي التأثيرات المستديمة لما ألم بك من الهم والغم والكرب في مشوار حياتك؟ - عندما تعيش طفولة في متربة ومسغبة وفقر مدقع على غرار ما حدث لي، فإن من المؤكد أن ذلك سيكون جزءا من حياتك وسيظل يطاردك ويبقى معك ما بقيت على قيد الحياة ومن ثم فإن الشعور بعدم الأمان سوف يظل جزءا لا يتجزأ منك وسيأخذ بتلابيبك ولن تجد منه فكاكاً بالغاً ما بلغت من نجاح وما أصبت من ثروة. ٭ كيف تمكنت من التسامي على جراحك والتغلب على أحزانك عندما مات عنك والداك في هذه السن المبكرة؟ - من الواضح أن هذا أمر عصيب وفظيع عندما يقع للمرء ولكن لا مندوحة عن تقبله بصدر رحب والتعامل معه كأمر واقع وقدر محتوم والمضي قدما في مشوار الحياة واستئناف مسيرتها، وإلا فما الذي يمكن القيام به؟ ولعل هذا هو عين ما قمت به وهو السبب في انني لا أحمل ضغينة أو إحباطا أو خيبة أو شحناء وبغضاء أو أسفا أو أسى - ذلك أنه ليس بوسعك أن تنحي باللائمة على أي شخص لأنه ما من أحد يلام. ٭ ما درجة صعوبة الجمع بين متطلبات الأمومة ومقتضيات الترحال والجولات الفنية؟ - إن الأمر صعب وعسير بحق وحقيقة وإن إيجا يرافقني كظلي ويذهب معي أينما ذهبت، حتى عندما نكون مسافرين، ذلك أنني أريده إلى جانبي دائما بيد أنني ولسوء الطالع أرى أن توزيع اهتمامي وتقاسم انتباهي بين العمل والأمومة يعد ضرباً من المحال، وبالتالي يتعذر التركيز والإنتباه ولعل من حسن الحظ أن لدي مربية لمساعدتي على تنشئة إيجا، وإلا لتعذر تماما القيام بأي عمل أياً كانت طبيعته. ٭ هل أفضت الأمومة إلى تحويلك إلى ربة منزل؟ - أجل - ذلك أنه لم يكن من دأبي أن أمضي وقتا طويلا في المنزل ولكن عندما ظهر إيجا على مسرح حياتي إنهمكت في غمرة الحياة المنزلية والعائلية من طبخ للطعام وتنظيف للأواني وغسل للملابس! وأنا سعيدة بذلك. ٭ هل لك أن تتحدثي لنا عن زواجك والذي مضى عليه 11 عاماً؟ - ربما كان زوجي وعلاقتي به من أهم التحديات في حياتي. فقد كنت أصغر بكثير من مت عندما التقينا لأول مرة - وكنت بدأت للتو مشواري الفني ومن الواضح أن هذا كان جزءا أساسياً في سياق ما حدث في السنوات الأخيرة. ٭ هل تعتقدين أن زواجك من مت كان قدرا محتوماً؟ - نعم، أعتقد أن لقاءنا كان قدرا مقدورا لأن أول لقاء بيننا تميز بقدر كبير من الحيوية والنشاط، وإن مت لم يكن يقصد اطلاقا أن يتزوج مرة أخرى كما أن من المؤكد ان الزواج لم يكن واردا في تفكيري! ولكن في بعض الأحيان لا يهم ما تفكر فيه لأن الأقدار لها مجراها الخاص بها. ٭ ما هو فيلمك المفضل؟ - استلطف ثلاثة أفلام هي: الحياة الجميلة (Life Is Beautiful) وبيلي اليوت (Billy Elliot) والأخرس والمخرس (Dumb And Dumber) الفيلمان الأول والثاني يؤكدان ان النظرة الإيجابية للحياة من شأنها أن تساعدك على التغلب على نوائب الزمن ومصائب الحياة اما الفيلم الثالث، فهو يجعلني أغرق في الضحك وأنسى جميع متاعبي. ٭ بما أنك تعيشين في سويسرا، فهل لديك أي خطط للإنتقال منها؟ - إنني أحب نيوزيلندة حقيقة وأود أن أعيش فيها وقد فكرنا مت وأنا في الانتقال إليها لأنها تشبه كندا كثيراً. ٭ من هو شخصيتك المفضلة؟ - نيلسون مانديلا، فهو شخص غير عادي، اذ طالما ضحى من أجل مبادئه ومن الواضح أنه على استعداد للموت من أجلها ومن أجل البشرية، وبرغم أنه أمضى ثلاثين عاما من عمره خلف القضبان فقد خرج وقلبه ينبض بالحب والرحمة والتفهم ومراعاة الآخرين. ٭ نرجو أن تحديثنا عن الأنشطة الخيرية التي تضطلعين بها في مجال رعاية الطفولة. - لقد عانيت من الفقر والجوع وأمقت أن يكون الأطفال جوعى ولأجل هذا فقد تبرعت بمبلغ من المال لجمعيتين خيريتين في مسقط رأسي، إحداهما تسمى «من وجبة الفطور إلى التعلم» والأخرى تسمى «مقهى الأطفال» وكلتاهما تقدم الطعام للأطفال الجائعين وتوفر لهم المأوى قبل دخول المدرسة.