كثيرة هي المؤلفات التي تناولت الحرب الأهلية اللبنانية «هي في الواقع حرب الآخرين على جغرافية لبنان»..!؟ صحافيون، وكتاب، ومؤرخون، وباحثون كتبوا عن هذه الحرب العبثية التي تصارعت فيها قوى دولية، وإقليمية، ووظفت الطوائف، والمذاهب، والاحزاب، والاصطفافات الأيديولوجية، لتكون الأدوات التي عبثت بلبنان الإنسان، والمقدرات، والوعي، والجغرافيا، والتاريخ، والتنوير ومسافات العقل الحضاري، والثقافي، والتعليمي. عبر هذه المؤلفات تقرأ التورطات التي دخلت فيها بوعي، أو بدون وعي كل القوى المحلية، وانساقت إلى لغة الجنون، وحوار الرصاصة، والقتل، والتهديد، والتصفيات على الهوية، والإجرام في حق الإنسان، وحق الوطن، وتقسيمه إلى مربعات طائفية، وحزبية، ومذهبية، تمارس أقسى أنواع الشراسة في فعل الإقصاء، والتهميش، والاستباحة. تعود إلى هذه المؤلفات كمتابع، وقارئ، ومراقب، وتحاول فهم ما جرى وما يجري - الآن - في جغرافيا لبنان، وتسأل: - هل يعيد التاريخ نفسه..!؟ - هل لبنان - الآن - قد عاد إلى المربع الاول عام ,75.؟؟ - وهل نحن في انتظار قلق، وتوتر «لبوسطة» اخرى. كما «بوسطة» عين الرمانة، ليتصاعد الدخان الأسود، ويقضي على الآمال، والتطلعات أزيز الرصاص..؟؟ - هل ننتظر اشتباكاً مفتعلاً في زاروب، أو زاوية بين مجموعتين مأجورتين، أو منتميتين إلى جهاز مخابراتي خارجي، إقليمي، أو دولي كي ينفجر الوضع في بيروت، وتقام خطوط التماس، والحواجز، ويبدأ عمل الآلة الحربية..؟؟ أسئلة تطرح بقلق، وخوف، وذعر، فهواجس الإنسان العادي محصورة في العيش بأمان، والتعليم بكفاءة، والحياة في مستوى يليق به، ويمنحه الحق المكتسب في أن يكون أطفاله في مأمن من التشوهات، والتفتت، والانكسارات، والأوجاع.. واقع الأمر في لبنان، ومنطق الأشياء يقولان إن التاريخ لا يعيد نفسه، وأنت لا تستحم في النهر مرتين..!! التحولات، والمستجدات، والظروف الدولية، والإقليمية، وإرادات الدول الكبرى تشي بأن نوعاً من أنواع الحرب في لبنان لن يحدث، ولن يسمح بحدوثه..؟! العوامل، والظروف، والمناخات السياسية، والمصالح، والتحالفات تغيرت، تغيرت كثيراً، وعام 2006م هو غير عام 1975م، بكل المعطيات، والارادات، وتوازن القوى، والتفويضات التي أعطيت لإدارة الصراع، والهوامش التي منحت لبعض الدول التي كانت دولاً إقليمية، أو محورية، أو فاعلة في إدارة الأزمات، موكلة ببعض الملفات في لبنان. كل هذا تغير.. تلاشى، صار تاريخاً..!! هذه ناحية.. الأخرى.. أن ممولي الحرب، وداعمي أسبابها، ومسبباتها، وآلتها، وفعل القتال والتقاتل فيها لم يعودوا على الخارطة السياسية، إما انحسرت أدوارهم «نظام القذافي مثلاً» أو سقطت أنظمتهم «نظام صدام حسين».. لذا فالممول غير موجود لإطلاق الرصاصة الأولى. ثم إن الحرب الأهلية تحتاج إلى فريقين على استعداد للمواجهة، وهذا على أرض الواقع غير موجود في المطلق. إذن: لن يعيد التاريخ نفسه..!! فقط، يجب أن تسود لغة العقل، والفهم بين الأطراف السياسية اللبنانية، وأن يتفقوا على لبنان السيد المستقل..!؟