على ايام الدراسة، طلبت معلمة التعبير من ربيكا ميدلي ان تكتب موضوعاً عن آخر زيارة قام بها افراد فصلها الدراسي الى متحف محلي. فكتبت ربيكا «اما بالنسبة لوجبة الإفطار» فتكفيني ستة سندويشات من الجبن المطبوخ وست لفائف من البطاطا المقلية الجافة وأربع كعكات وخمسة اصابع شكولاته، وستة قوارير من البيبسي كولا». ولم تصدق المعلمة عينيها وهي تطالع تلك القائمة الطويلة مما لذ وطاب من الأطعمة، فيما خلت القائمة حتى من كلمة «متحف» عنوان التعبير. ومن حسن الحظ ان ربيكا لا تأكل كل تلك القائمة، ولكنها كانت مجرد احلام يقظة تراود تلك الصبية المسكينة، املاً في ان تتحقق لها يوماً هذه الأمنية الغالية. وهي بهذا قطعاً لديها الاستعداد الكامل لالتهام كل مواد القائمة الطويلة. واللافت ان تفكير ربيكا (12 عاماً) كله متركز على الطعام. وهي مستعدة على التهام كل ما تقع عليه عيناها حتى لو كانت فضلات طعام داخل صناديق القمامة دون ان تبالي لما قد يصيبها جراء ذلك. كما انها تلتهم افخاذ الدجاج المجمدة مباشرة من الفريزر، فهي لا تصبر ولو ثانية واحدة على طعام وقعت عليه عينها. وهي تقول عن ذلك «كثيراً ما اجد القطط وهي جاثمة على فضلات الطعام الملقاة في براميل القمامة، فتأخذني الغيرة منها، فأسارع الى طردها والجلوس في مكانها.. ما اشهى تناول ذلك الطعام الشهي في تلك الأماكن الهادئة التي لا يزعجك فيها احد». تقول امها أليسون «كم ضبطتها في تلك الأماكن وهي تأكل فتات الطعام من صناديق القمامة». ويبلغ وزن ربيكا اليوم حوالي 84 كيلو غراماً. ولكن السمنة ليست غلطتها لأنها رأت النور وهي تعاني من حالة وراثية تسمى متلازمة «برادر ويلي» التي تسبب اختلالاً في الصحية العضوية والنفسية للمصاب بها، كما انها تحيل المرء الى طاحونة طعام ليصاب بالسمنة المفرطة. ومالم يخضع المصاب الى رقابة صارمة، فسوف يفارق الحياة من كثرة الأكل. وتقول أليسون (37 عاماً): «الأدهى من ذلك ان المصاب بمتلازمة «برادر ويلي» يعاني من ضعف العضلات. فهم يجدون صعوبة بالغة في ممارسة اي نوع من انواع الرياضة حيث ان عضلاتهم لا تحرق السعرات الحرارية». وهذا يعني ان ربيكا تحتاج فقط الى نصف ما تحتاجه اختاها كلويه وكاتي من سعرات حرارية. وعندما سئلت ربيكا ما اذا كانت لم تشعر يوماً بالشبع في اعقاب احتفال «بوفيه» كبير - وبدا انها كانت ترغب في تناول محتويات جميع الأطباق - اجابت «ولا مرة!». وكما هو حال الوالدين دائماً، فقد كانت أليسون وزوجها الان، وهما من رومفورد بمقاطعة اسيكس، يشعران بأن شيئاً ما غير طبيعي حيال ابنتهما قبل ولادتها. وقالت أليسون وهي تتذكر «لم تكن تتحرك في بطني». وعندما وضعتها، لم تفتح عينيها طوال ثلاثة اسابيع، ولم تبك كما هي عادة المواليد. كما ان عضلاتها كانت رخوة. وتمت احالتنا الى مستشفى غريت اورماند ستريت في لندن لإجراء فحوص طبية. وتم تشخيص حالتها بمتلازمة برادر ويلي التي لم اسمع بها من قبل، وهي لا تزال في شهرها الخامس. وزودنا الأطباء ببعض المطويات التي تتناول هذه المتلازمة. وعشنا حالة من الاكتئاب، وكنت انا اقرب للاستسلام». وباتت حياة أليسون وزوجها في كبد تام. وهي تقول: اصبحت ربيكا تعاني من نهم شديد للطعام عند بلوغها العام الخامس. وكانت ترغب في التهام كل ما تراه امامها. وحدث ذات مرة - وأنا احادث احدى صديقاتي عبر الهاتف - ان رأيتها وهي تأخذ طعاماً من سلة القمامة، فسارعت لانتزاعه منها وغسلت فمها بالصابون. ثم لاحظت بعد ذلك نزوعها الدائم الى مؤاكلة القطط والكلاب، ثم تعلمت سرقة الطعام من مخزن المواد الغذائية في البيت، والتهام فضلات الطعام التي يتركها الناس في الأطباق في اي مكان كان ذلك. وتجد ربيكا فرصتها الحقيقية عندما ننسى باب المطبخ مفتوحاً خلال ساعات الليل، لتلتهم كل ما بداخل المطبخ من طعام وبقايا طعام؛ لا تفرق في ذلك بين بارد ام مثلج ام ساخن، اخضر ام يابس! «وينصب كل اهتمام ربيكا بمواقيت تقديم وجبات الطعام. فهي تريد ان تعرف اوقات تقديم الوجبات بالضبط، وأي تأخير يثير مشكلة في البيت لا يعلم احد عواقبها الا الله. ولكن رغم هذا فهي تتمتع بالصدق والوفاء والإخلاص في علاقاتها، كما ان لها قدر من روح الدعابة النادرة». ومن كثرة تفكيرها في الأكل، حدث ان طبيباً للأسنان نصحها بعد الفحص بضرورة عمل «حشوة» لانها تعاني من تسوس في اسنانها، فما كان من ربيكا الا ان انتفضت وصرخت في وجهه «أنا لا أحب «الحشوات» ولا احب الطعام الا على الأطباق». فأفحمت الطبيب الذي احتار في ردها، ووقف عاجزاً عن دحض حجتها!. ماهي متلازمة «برادر - ويلي»؟ تعتبر متلازمة برادر - ويلي من المتلازمات النادرة الحدوث، وهي لها اعراض غريبة اشهرها النهم الشديد للطعام. ولو وجد المريض الفرصة، لدخل في «غيبوبة» تناول الطعام حتى الموت لأن عقله لا يوافيه بإشارة تفيده بالامتلاء البطن بالطعام حتى ثلثي الشراب والنفس. ويعتقد ان حوالي 3 آلاف شخص فقط يعانون من هذا الداء في المملكة المتحدة. كما تشتمل اعراض هذه المتلازمة صعوبة التعلم وضعف العضلات. ولما كانت العضلات القوية تحرق السعرات الحرارية بفعالية اكثر، فإن المصابين بمتلازمة «برادر - ويلي» يحتاجون لسعرات حرارية اقل من الشخص السليم. ولذا فإننا نرى ان العديد من المصابين بهذه المتلازمة يعانون من السمنة المفرطة، ويحتاجون للرقابة اللصيقة في تناول طعامهم بسبب نهمهم الشديد للطعام 24 ساعة في اليوم وسبعة ايام في الأسبوع!.