هل تشعر بأنك تثقل على الناس بثرثرتك ؟!. لاتشعر بالخيبة فمن الممكن أن تحولك ثرثرتك المزعجة وسرد تفاصيل يومك إلى نجم محبوب لدى الكثيرين. وربما هذا السبب الذي يجعل المدونات الإلكترونية تبدأ بالانتشار بين الشبان السعوديين من الجنسين. ليس من المطلوب أن تكون شخصا مشهورا أو لديك ملكة الكتابة ليكون لك موقع ومعجبون. الأشياء السخيفة التي تعملها في اليوم (تلاحق قطة حول منزلكم - تذهب إلى العمل بدون شماغ - تقلبين العباءة وتذهبين للكلية) قد لاتكون بالفعل سخيفة عند غيرك بل تبدو رائعة وفي غاية الظرافة. ساحة الإنترنت متفجرة ومتجددة دائما إلا أنها قصيرة الأنفاس فما أن تبدأ موجة جديدة حتى تبدو بعد مدة غير طويلة فاترة ومملة. في البداية كانت المحادثة الكتابة والصوتية موضة عالمية سببت مرض (الإدمان) للكثيرين من عشاق النت، بعدها بسنوات قليلة ظهرت موضة المنتديات الحوارية بأقسامها المتنوعة فجمعت عشاق الرياضة في حوارات مطولة وكذلك الثقافة والسياسة والفكر والفن، الكل أصبح يشارك في المنتديات ويطرح رأيه ويعلق حول الأحداث الجارية مما أكسب المنتديات شعبية كبيرة تنافس فيها وسائل الإعلام الأخرى بقدرتها على نشر الأخبار والتحليلات والنقاشات . الآن بدأت موضة المدونات وهي صفحات خفيفة وبسيطة لا تحمل في داخلها تصاميم صعبة أو معلومات كثيرة قد تشتت ذهن القارئ، بتعريف أدق (المدونات) هي تسمية مقاربة لمفهوم كتابة (اليوميات) أو المذكرات اليومية . ليس من الغريب أن تزور مدونة لشاب سعودي يكتب فيها بنفسه كل يوم قصة أو تعليقاً لأي حدث واجهه، فتارة ستجده يكتب معاناته مع شرطي مرور أوقفه، وتارة أخرى ستجده يعلق حول برنامج تلفزيوني، وقد يصل الأمر إلى كتابة بعض المواضيع عن معاناته في مجال عمله الصباحي والتعليق على أخطاء زملائه في العمل، وغالباً لا يستخدم اسمه الحقيقي أو حتى يشير إلى نفسه من قريب أو بعيد، حيث يفضل كتاب (المدونات) المشاركة بأسماء مستعارة بشكل يقارب لما يحدث في المنتديات وغرف المحادثة . رائد السعيد الكاتب في مدونة فلسفات ( www.raeds.com ) يقول بأنه عشق الكتابة في المدونة للتطرق إلى بعض المشاكل الاجتماعية وتقديم حلول يعتقد بأنها كافية لكل تلك المشكلات، ويبدو أن رائد كان محقاً في طرحه حيث يبدو موقعه مليئاً بالمواضيع المتنوعة والجريئة في ذات الوقت . للمدونات أشكال وأقسام وأفكار لا تنتهي، وأصبح كتابها يتنافسون يوماً بعد آخر في طرح مواضيع جريئة وجديدة وبأسلوب سلس مختصر مفضلين الابتعاد عن (المنتديات الالكترونية) التي شهدت انخفاضاً كبيراً في مستوى الطرح والتعليقات مما جعلها (موضة منتهية) إن جاز التعبير ولم يبق في واجهتها سوى بضع استطاع المشرفون عنه تسييره بأسلوب منظم يحترم القراء. وفي الوقت التي يظهر فيه المشاركون في المواقع الحوارية بصورة متكلفة عبر ردود منمقة بشكل مبالغ فيه تلمس في المدونات الروح الظريفة والمتواضعة في المجتمع السعودي والتي يظهر فيها الشخص وهوغير متمسك بآرائه كما في منتديات الحوار بل أنه يتندر على تصرفاته حتى في الظروف الجادة كما كتب أحدهم مطلع الاسبوع الماضي قصة طريفة حول متقدم جديد للوظيفة رسب في اختبار اللغة الإنجليزية وأزعج المسؤولين في الشركة أكثر من مرة مطالباً إياهم (بمراجعة ورقة اختباره)!. إن المجتمع السعودي الذي يبدو مغلقاً على نفسه يمكن أن تراه مفتوحا امامك من خلال قراءتك هذه المدونات الجريئة. إنها بصورة ما تقديم صورة حقيقية للإنسان السعودي غير تلك الصورة التي نراها في العمل والأسواق وهذه نقطة جذب كبيرة للإقبال على هذه المدونات. الأشخاص الذين يشعرون بالقمع بسبب العائلة أو المجتمع سيجدون أيضا في هذه المدونات مكاناً يفضفضون فيه. يقول سعد الحربي الكاتب في مدونة ( www.saadsite.com ) أنه اختار الكتابة اليومية في موقع مخصص لسبب وحيد ألا وهو (الحرية) حيث يؤكد بأنه يكتب ما يريد دون أي تدخل من مشرف منتدى أو مالك موقع، إضافة إلى سهولة إمكانيات النشر الالكتروني التي توفرها البرامج المجانية لبناء المدونة. قد يقول من يقرأ هذه المواقع بأنها سخيفة ولكن هذا ليس رأي أصحابها الذين يجدون فيها متعة و منفعة صحية عندما يخرجون المكبوت في صدورهم ويبدو أن هذا رأي الأغلبية الصامتة الذين بدأوا بمدوناتهم الإلكترونية الخاصة.لن تكون أغلبية صامتة بعد الآن بل أغلبية ثرثارة.