حينما سأل الممكن المُستحيل أين يُقيم .؟؟ أجاب المستحيل إنني أُقيم في أحلام العاجزين (طاغور) من هُنا أشعر أن أحلام وزير الثقافة والاعلام الاستاذ إياد مدني ليست لها حدود لأنه بكل بساطة يعرف فنّ المُمكن جيّداً والدليل ذلك التغيير الايجابي الذي بدأ يتبرعم في جسد الاعلام السعودي وخصوصاً قنوات التلفزيون الرسميّة (غصب1 وأخواتها) كما يحلو للبعض تسميتها وقت أن كان كل شيء قاتماً وقد سمعت أن القادم يحمل الكثير من المفاجآت الجميلة والتي نأمل أن تكون في مستوى طموحات الجماهير العطشى للتغيير.. حين نُشر موضوع (مراعاة فارق التوقيت) ذكّرني الزميل الدكتور عبدالعزيز الجارالله بأمرٍ كُنتُ قد نسيته إذ لم يدخل التلفزيون للبيوت في بعض مناطق بلادنا إلاّ بعد بداية البث الرسمي بسنوات بسبب ضعف قوّة إرسال المحطات الرئيسة آنذاك فلا تصل الاشارة لبعض البلدات والقرى أو بسبب عدم وجود تيار كهربائي أصلاً لهذا يفرح الكبار من النساء والرجال وقبلهم الصغار حين يسافرون إلى المدن حيث تنتظرهم ولائم دسمة من الترفيه والمتعة والثقافة والتي سيجدونها في ذلك الصندوق السحري العجيب (التلفزيون) ببرامجه التي أذكر منها (من كل بستان زهرة) كان يقدّمه مذيع متمّكن اسمه سامي عودة وهناك برنامج المسابقات (أبجد هوّز) كان يقدمّه المذيع الكبير ماجد الشبل عافاه الله وشافاه وهناك برنامج (حديث الأصدقاء) يقدمه إن لم أكن مُخطئاً الدكتور عبدالرحمن الشبيلي وبرنامج الأطفال (بابا علي) يقدمهُ رسام الكاريكاتير علي الخرجي مع مجموعة من البنات والأولاد وكثير من برامج المنوعات والأغاني والمسرحيات وكانت التمثيليات والمسلسلات في ذاك الوقت يطغى عليها اللون اللبناني بسبب عدم وجود تواصل جيّد مع مصر الشقيقة في بداية بث التلفزيون السعودي، هذا غير المسلسلات والأفلام الأمريكيّة المترجمة مثل (دكتور هو) ومسلسل الكابوي الشهير (بونانزا) والكلبة الشهيرة (لاسي) والحصان الذكي (فيوري) ولاننسى (المصارعة الحُرّة) التي يُعلّق عليها بحماس مدهش المرحوم ابراهيم الراشد حتى البرامج الدينيّة مثل (مجالس الايمان) الذي كان يُقدّمه المذيع زهير الأيوبي وبرنامج (حديث الأسبوع) الذي يقدّمه الشيخ الرقيق علي الطنطاوي رحمه الله تحظى بمتابعة فئات كبيرة من المشاهدين عكس البرامج الحالية التي يغلب عليها طابع الوعظ المباشر المتشدد. خريطة البرامج في التلفزيون السعودي في ذاك الوقت رغم أنها كانت في بدايات التجربة إلاّ أنها قد لبّت رغبات المتلقين ورضاهم وبقيت في الذاكرة حتى اليوم فهل سيعيد التلفزيون السعودي من هاجر من مشاهديه لمتابعة برامجه من جديد ..؟ أعتقد ذلك ولكن بشرط العودة للمفهوم الاحترافي للتلفزيون الذي يُعنى بالصورة المشوّقة المبهرة والتحرّك خارج جدران (الاستوديو) والنقل السريع للحدث وملامسة وجدان المتلقي بسحر الموسيقى والكلمة العذبة المُغنّاة ومخاطبة عقله بالحقائق لا بالأوهام ومتابعة المستحدثات فالمجتمع اليوم في أمس الحاجة إلى تهيئة وتجهيز لتلك المتغيرات حتى لاتحدث اضطرابات في تفاعله معها. نقف جميعاً مع المسؤول الأول عن الإعلام في الوطن الاستاذ اياد مدني الذي نفض الغبار عن شاشة (غصب 1 وأخواتها) فشكراً والى مزيد من الخطوات فالزمن لاينتظر أحداً .