ترأس الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أول اجتماع لمجلس الوزراء بعد وعكته الصحية التي عاد منها سالما معافى في الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر الماضي بعد رحلة علاج دامت 35 يوما وفترة نقاهة مكنته من استعادة لياقته البدنية والتوقيع فور عودته من باريس على قانون المالية للعام 2006. وكانت أنظار الأوساط الإعلامية والسياسية مشدودة إلى قصر الرئاسة لمعرفة طبيعة الملفات التي ستحظى بأولوية الرئيس لافتتاح السنة الجديدة في أول نشاط رسمي يقوم به بوتفليقة بعد تأديته لصلاة عيد الأضحى بالجامع الكبير بالجزائر القديمة التي نقلت على المباشر وكانت مؤشرا قويا على تعافي الرئيس الجزائري كلية وقدرته على مزاولة مهامه بشكل طبيعي وعادي . وكان اجتماع مجلس الوزراء أول موعد رسمي يجمع الرئيس بوتفليقة مع طاقم حكومة أحمد أويحي منذ الثالث من شهر أكتوبر الفارط، تاريخ انعقاد آخر مجلس للوزراء غداة الاستفتاء على ميثاق السلم والمصالحة، وهو الطاقم الذي يحرص الرئيس على أن تؤدي بعض قطاعاته المحورية دورها الكامل للإسراع في تنفيذ برنامجه التكميلي لدعم النمو والإنعاش الاقتصادي، بالأخص ما تعلق بالمشاريع الكبرى التي أوكلت مهمة تنفيذها لقطاعات السكن والصحة والتضامن والعمل . وفيما كان المراقبون يتوقعون أن يكون مشروع ميثاق السلم والمصالحة أحد أهم الملفات التي سيقف عندها الرئيس بدءا بالإطلاع على ما أنجزته الحكومة في مجال التحضير للقوانين التفصيلية الكفيلة بإخراج الميثاق من دائرة الفلسفة العامة إلى دائرة القوانين التطبيقية التي ينتظرها الجميع في ظرف تنامى الاعتقاد أن قوانين ميثاق السلم لم تعد تعاني من التأخر في الصدور بقدر ما تعاني من التماطل، حظيت ولايات الجنوب بنصيب هام من مناقشة مجلس الوزراء، إذ تمت المصادقة فيه على البرنامج الخاص التكميلي لتنمية ولايات الجنوب وأشار بيان صادر عن مجلس الوزراء إلى ان المجموع المخصص المقرر في إطار البرنامج الخاص لتنمية الجنوب انتقل من 250 الى 377 مليار دينار جزائري. ويخص البرنامج 10 ولايات وهي: أدرار والأغواط وبسكرة وبشار وتمنراست وورقلة وإيليزي وتندوف والوادي وغرداية، وفي هذا الصدد لم يفصل الرئيس الجزائري أمام وزراء حكومة أحمد أويحي بين تصميمه على الوفاء بموجبات المصالحة، وضرورة تتويج البرنامج التكميلي لدعم النمو، وردّد في معرض تدخله، أنّ معاني وتطبيقات المصالحة ستتعزز أكثر بفضل ما سنجنيه من ثمار جهدنا الوطني للتنمية وتجسيد الوثبة الوطنية التي باشرناها منذ سنة 1999، وبهذا الصدد، ألح بوتفليقة على ضرورة التجند المثالي للحكومة وكافة مصالح الدولة، على النحو المأمول والمنتظر من طرف الشعب الجزائري، مبرزا التزامه الشخصي بالسهر والسعي على تجسيد كافة الإلتزامات التي أخذها على عاتقه أمام الله وأمام الأمة لخدمة الجزائر، كما دعا الرئيس الحكومة لمضاعفة جهودها بغرض تنفيذ البرنامج الرئاسي في شتى مكوناته، متصورا أنّ الشعب الجزائري الذي كان دائما في الموعد مع وطنه لديه تطلعات قوية وعديدة ومشروعة، ينبغي التكفل بها في إطار التحولات الوطنية الجارية، بمراعاة قيمنا الوطنية في العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني. ولم يغفل الرئيس بوتفليقة الإشارة إلى قوانين ميثاق السلم والمصالحة في معرض حديثه عن الأسباب التي تدعم مصداقية الدولة، موضحا أنّ النصوص التطبيقية لميثاق السلم ستصدر قريبا، ولم يوضّح الرئيس إن كان إصدار القوانين المذكورة سيكون دفعة واحدة أو على جرعات، كما لم يحدّد آجالا مضبوطة لترسيم العملية التي ينتظرها الجزائريون بشغف منذ تزكيتهم الكاسحة لمسعى الرئيس في 29 سبتمبر الماضي، بالمقابل أطلق بوتفليقة إشارات قوية لدى ترأسه أول اجتماع لمجلس الوزراء منذ الثالث أكتوبر الماضي، بأنّ الفترة القليلة القادمة ستعرف إصدار نصوص تطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، مجدّدا عزمه على تجسيد مسار السلم والمصالحة، طالما أنّه يمثّل خيارا وطنيا جامعا ساندته الأمة بكل سيادة وكثافة قبل 107أيام.