عقدت دار العين للنشر في القاهرة احتفالية بمناسبة صدور الأعمال الكاملة للقاص والروائي يحيى الطاهر عبد الله (1938- 1981) الذي مرّ على رحيله ربع قرن من الزمان. وقد شهدت الاحتفالية إذاعة تسجيل صوتي ليحيى الطاهر عبد الله وهو يقرأ إحدى قصصه القصيرة، وجاءت الطبعة الجديدة من أعماله الكاملة مشفوعة بمقدمة من الناقد الدكتور جابر عصفور الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، وكانت دار «المستقبل العربي» قد أصدرت منذ قرابة عشرة أعوام «الكتابات الكاملة» ليحيى الطاهر عبد الله في حوالي خمسمائة صفحة. ويعد الراحل يحيى الطاهر عبد الله أحد النابهين من كتاب جيل الستينيات في مصر والعالم العربي، وقد اقترن اسمه بالكتابة التي تتقصى الروح المصرية والتراث الشعبي فضلاً عن اهتمامها بالأساطير والملاحم الخالدة في الأدب العربي والعالمي، وقد عرفت عنه ثوريته وتمرده على الواقع وأحوال مجتمعه، الأمر الذي أدى إلى وصفه بأنه واحد من الأدباء الصعاليك في العصر الحديث. وقد أصدر يحيى الطاهر عدة مجموعات قصصية، منها: «ثلاث شجرات كبيرة تثمر برتقالاً»، «الطوق والأسورة»، «الحقائق القديمة صالحة للدهشة»، «تصاوير من الماء والتراب والشمس»، «الدف والصندوق»، «أنا وهي وزهور العالم»، «الرقصة المباحة»، «حكاية على لسان كلب»، «جبل الشاي الأخضر». وُلِدَ يحيى الطاهر عبد الله في الأقصر بجنوب مصر، وتوفيت والدته وهو صغير، فربته خالته التي أصبحت زوجة لأبيه فيما بعد، وظل يحيى الطاهر بالأقصر إلى أن حصل على دبلوم الزراعة المتوسطة، وعمل بوزارة الزراعة فترة قصيرة، ثم انتقل في عام 1959 إلى مدينة قنا، وهناك التقى بالشاعرين عبد الرحمن الأبنودي وأمل دنقل، وبدأ الثلاثة يقيمون أمسية أدبية ثابتة في الجامعة الشعبية، أو ما عرف بعد ذلك بالثقافة الجماهيرية. وفي عام 1961 كتب يحيى الطاهر أولى قصصه القصيرة «محبوب الشمس»، وأعقبها بقصة «جبل الشاي الأخضر»، وفي نهاية شتاء 1962 انتقل مع عبد الرحمن الأبنودي إلى القاهرة وأقاما في شقة واحدة بحي بولاق الدكرور، حيث كتب بقية قصص مجموعته الأولى «ثلاث شجرات كبيرة تثمر برتقالاً». وفي القاهرة بدأ يتردد على المقاهي والمنتديات الثقافية، وبدأ يُعرف كظاهرة فنية متميزة، فقد كان يلقي قصصه التي كان يحفظها بذاكرة قوية إلى حد الغرابة، ودون اعتماد على أي أوراق. وقد قدمه يوسف إدريس في مجلة «الكاتب»، وعبد الفتاح الجمل في الملحق الأدبي لجريدة «المساء». وفي عام 1975 تزوج يحيى الطاهر، وأنجب بنتين هما أسماء وهالة، وابناً سماه محمداً، وتوفى يحيى بعد ميلاد ابنه بفترة قصيرة في حادث سيارة على طريق القاهرة الواحات. ويشار إلى أن مجلة الثقافة الجديدة؛ التي تصدرها الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة؛ قد خصصت في مايو الماضي عدداً مميزاً عن يحيى الطاهر عبد الله، شارك فيه نخبة من النقاد والأكاديميين والمبدعين تحت عنوان «يحيى الطاهر عبد الله: إعادة اكتشاف مبدع كبير»، كما نشرت المجلة كذلك مختارات من قصصه في كتاب مستقل تم توزيعه بالمجان مع المجلة.