لقد تاهت المعاني ورحلت الأفكار بعيداً عن موطن القلم. أشهدكم بأنني حاولت الكتابة لأكثر من مرة وفي كل مرة أبدأ واسترسل قليلاً ومن ثم تتضارب الأفكار حول ماذا أريد أن اكتب بحق رجل عملت معه في فترة حياته هو المهندس الإنسان محمد بن ناصر الجماح «أبو ناصر» رحمه الله. عملت معه كصديق وكأخ وليس كمدير لإدارة تخطيط المدن فقط.. فقد تحار أمام أمور عارضة أيها القارئ تجعلك أمامها حزينا كئيبا فأنت تعيش مع أناس تربطك بهم الاخوة الصادقة والمعاني السامية عشت معهم فترة زمنية ليست بالقصيرة أحسست معهم بالراحة والانسجام والمحبة والرحمة. فأنت كإنسان بحاجة لمن يشعرك بحبه لك وانك بمثابة الابن أو الأخ أو الصديق... يفتح لك أبواب قلبه قبل أن يفتح أبواب مكتبه يصافحك بروحه قبل أن يصافحك بيده. مضى على رحيلك يا أبا ناصر أكثر من شهرين وما زلت اتذكر تواجدك في المكتب وتوجيهاتك واستقبالك للمراجعين في كل صباح. فرحلت في شهر الخير والغفران في ليلة الخامس والعشرين من رمضان من هذا العام... فالحياة نار.... ونور... نور اللقاء والمعرفة... ونار الوداع والفراق. فإن كان من المستحيل اللقاء فأيضاً من المستحيل النسيان... فالأقدار فرضت علينا فراقك يا أبا ناصر. فلن تفرض علينا نسيانك. منذ عملت معه رحمه الله وهو إنسان محب للعمل متفان فيه مخلص له. حسن المعاملة والإخلاص في النصح والتعامل والحرص على زرع الخصال الطيبة. الإحساس بالمسؤولية والرغبة في تحملها وأداء الواجب وحمل الأمانة بصدق واخلاص. اخلاصه في أداء عمله ومساعدة الناس بقدر ما يستطيع. كان نزيهاً في التصرف منكراً للذات محباً الخير للجميع متعاونا مع الصغير والكبير من الموظفين. محباً لوطنه تحمل مهاماً متنوعة في وقت واحد وحب المشاركة في البناء والتوجيه وحسن التصرف وحرصه على احترام الجميع وتقديرهم. نعم انه أبو ناصر المهندس الإنسان قدوة حسنة يتشرف بها الجميع الذين عملوا معه. لو حاولت لأن اكتب عنه لملأت صفحات كثيرة، فقلمي امتلأ حباً واخلاصاً واعترف بالتقصير ولو ظللت اكتب محاسنك ونصائحك وكلماتك وتوجيهاتك داخل العمل وخارجه لفاض الورق وجف القلم ولا أملك إلا أن أقول: إن القلب يحزن والعين تدمع وإنا لفراقك يا أبا ناصر لمحزونون.. فرحيلك قد زرع الحزن بداخلي مساحات من الألم. أدعو الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويجعل ما اصابه من الألم والمرض تكفيراً وتطهيراً له من الذنوب. وأن يبارك في ذريته ويجعل منهم ذكرى حسنة يفخر بها الجميع. وفي هذه السطور الأخيرة.... كلمة وفاء وشكر لرجل الوفاء.. لوكيل أمين منطقة الرياض لشؤون بلدات المنطقة المهندس أحمد بن عبدالله التويجري. فيعجز القلم ويحتار ويقف موقف الإكبار لهذا الإنسان العظيم في وصف هذا الصرح الشامخ، عرفناك في كل كبيرة وصغيرة بكل خير، فمشاركتك مع الجميع في أفراحهم وأحزانهم لن تنسى أبداً. كان شغله الشاغل في كل وقت وكل لحظة سؤاله عن أبي ناصر المستمر يكفي انه هو الذي أمر بأن ينقل أبا ناصر للمستشفى مباشرة آنذاك من داخل مكتبه بعد أن رأى آثار الارهاق يبدو على وجهه الذي تغطى بالتعب وجسده النحيل الذي أنهكه. ومع ذلك لم يهدأ له بال متابعته المستمرة مع المستشفى واخوة أبا ناصر وسؤالي شخصياً عن أحواله.. أسأل الله تعالى أن يحقق ما تصبون إليه في الدنيا والآخرة وأن يسدد على نهج الخير خطاكم. ٭ سكرتير مدير إدارة تخطيط المدن بوكالة أمانة منطقة الرياض