منذ أكثر من عشر سنوات والفنان يحيى الفخراني يردد دائماً أنه يتمنى تجسيد شخصية الشاعر ورسام الكاريكاتير والسيناريست متعدد المواهب صلاح جاهين من خلال مسلسل تليفزيوني، وقد وصلت الفكرة إلى مرحلة الإعداد للتنفيذ بالفعل بناء على رغبة الفخراني وإيماناً بموهبته وقدرته على تجسيد الشخصية ببراعة خصوصاً لأنه يشبه جاهين في الملامح.. لكن الإنتاج كان له رأي آخر، وتعثر تقديم المسلسل لتقاعس الإنتاج. وعاد سيناريو صلاح جاهين ليطرح نفسه بقوة هذا العام، لكن هذه المرة من خلال الفنان الشاب أحمد رزق، وعاد الحديث عن عثرات الإنتاج مرة أخرى في التليفزيون المصري، إلا أن أنباء قد ترددت أخيراً أن إحدى القنوات الفضائية قد أعلنت بشكل نهائي أنها بصدد إنتاج المسلسل في القريب، وذلك بعد أن تم التعاقد بينها وبين الشاعر والكاتب الصحافي بهاء جاهين؛ نجل صلاح جاهين وممثل ورثته، وقد أوشك الكاتب محفوظ عبد الرحمن على الانتهاء من كتابة المسلسل الذي يخرجه جمال عبد الحميد. ويتناول المسلسل حياة جاهين منذ مطلع شبابه حتى رحيله، ويصور مرحلة مهمة من تاريخ مصر في النصف الثاني من القرن العشرين، ملقياً الضوء على أحداث سياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية وثقافية فارقة، ويبرز علاقات صلاح جاهين المتعددة كمبدع متعدد المواهب وكإنسان. والأعمال الدرامية التي تجسد حياة المشاهير من أهل الفكر والأدب والفن تتمتع بنسبة مشاهدة عالية وتلقى نجاحاً كبيراً، وهي عادة نقطة تَحَوُّل في حياة صُنَّاعها بشرط أن تظهر بالمستوى اللائق، فدور أحمد زكي في مسلسل «الأيام» (قصة حياة الدكتور طه حسين) فتح الباب أمامه على مصراعيه للانطلاق نحو أدوار البطولة، ودور كمال أبو رية في مسلسل «قاسم أمين» رفع أسهمه كثيراً كنجم من نجوم التليفزيون المصري، ودور صابرين في مسلسل «أم كلثوم» وضعها على منصة التتويج. فهل سينجح أحمد رزق؛ الذي تقبله الجمهور ككوميديان خفيف الظل في السينما؛ في الامتحان الصعب الذي يحمل عنوان «صلاح جاهين»؟! وصلاح جاهين من مواليد ديسمبر 1930، وقد بدأ الدراسة ولم يستكملها في مجال الفنون الجميلة، ثم حصل على ليسانس الحقوق. ويعد جاهين من أبرز الذين كتبوا بالعامية المصرية مستخدماً ألفاظ الشارع المصري البسيط لتصوير الأحداث الجارية في مجمل أشعاره وكلمات أغنياته وفي رسومه الكاريكاتيرية المعبرة عن الواقع، فضلاً عن الفوازير الرمضانية المحببة، وأوبريت «الليلة الكبيرة» الشهير، وبعض المسرحيات الموجهة للصغار، كما كتب جاهين بعض السيناريوهات والحوارات التليفزيونية (مثل حلقات مسلسل «هو وهي») والسينمائية (مثل أفلام: «خلي بالك من زوزو»، و«أميرة حبي أنا»، و«شفيقة ومتولي»، و«المتوحشة»)، كما شارك في التمثيل في بعض الأفلام السينمائية. وقد أصيب جاهين بحالة من الاكتئاب والعزلة في أعقاب نكسة 1967 استمرت حتى رحيله في عام 1986.