عنيت حكومتنا الرشيدة وفقها الله بمعاناة الفقراء والمعوقين، وكذلك الأرامل والأيتام وأسرهم وذلك عن طريق الرعاية الاجتماعية والضمان الاجتماعي التي أصبحت منذ أكثر من ثلث قرن مسؤولة مسؤولية مباشرة عن أوضاع هذه الشرائح من المجتمع، ولكن الآلية في معالجة أوضاع هذه الشرائح لا زالت متخلفة عن تغطية حالات {الذين لا يسألون الناس إلحافاً} والعجزة من كبار السن والمعوقين الذين لا يستطيعون مراجعة الضمان الاجتماعي، ودور الرعاية الاجتماعية المخصصة لهم. ويضاف إليهم المعوقون إعاقة نفسية بسبب أمراض أو حوادث وهم في حاجة إلى رعاية صحية ومتابعة علاجية تتطلب مصروفات لا تغطيها مخصصات الضمان الاجتماعي ويحتاجون إلى دور تأهيليه مخصصة لرعايتهم ومتابعتهم حيث لا توجد في الرعاية إلا رعاية (المسنين) الذين لا تقل أعمارهم عن ستين سنة؟ فمن يرعى الحالات التي تقل عن هذا العمر إذا كانت «دور رعاية المسنين» لا تقبل إلا من بلغ عمره ستين سنة، وهنالك الحالات التي لا يوجد من يرعاها ممن نراهم يجولون الشوارع ويضطرون إلى المسألة. كما يلاحظ ذلك في كل مكان وعند الإشارات والمساجد، فمن المسؤول عن هؤلاء؟! ومن الملاحظ قيام عدد من الصحف بنشر معاناة عدد من الحالات التي لا تجد مسكناً يؤويها، أو قيمة علاج، أو لا تستطيع دفع أجرة السكن وتكاليف الحياة، ومصاريف الكهرباء والماء، وهي من أهم الضروريات، أو أسرة تسكن في بيت آيل للسقوط، أو وضع أرمل لا يستطيع أو لا يعرف «الضمان الاجتماعي» لعرض حالته فمن المسؤول عن هؤلاء؟! وأين بحث الضمان الاجتماعي؟! أليس لدى جهاز الضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية باحثون وباحثات يقومون برصد هذه الحالات وزيارتها ومعالجة أوضاعها؟! ٭ أليس لدى «الضمان الاجتماعي» إحصاء بالأحياء الشعبية، ومساكنها، ومن يسكنون فيها، وحالاتهم؟ ٭ ما مدى استفادة (الضمان الاجتماعي) من الإحصاءات التي تنشرها مصلحة الإحصاءات في تقارير عن السكان والمساكن والأحوال؟! ٭ أين جهود الضمان الاجتماعي في مسح الحالات والأحوال للأرامل والأيتام والمعوقين من خلال القنوات الإحصائية، ومن خلال «حصر الوفيات» والدوائر المختصة، والجمعيات الخيرية، والسجون فيما يتعلق بأسر السجناء (الذين هم من اختصاص الرعاية والضمان وليس من اختصاص اللجان الخيرية)؟! ٭ هل تبقى جهود الضمان الاجتماعي مقتصراً على استقبال هذه الحالات عندما تأتي إلى مكتب الضمان لتستجدي حقها من المضان؟! ٭ أليس وجود حالات مستحقة فقيرة تعاني الفقر دليلاً على قصور الضمان الاجتماعي وتقصيره عن القيام بدوره الفعلي في البحث والتقصي والتحري والمسح والحصر يومياً، وتخصيص فرق مسح محتسبة نشطة تعمل دائبة بصفة مستمرة لتغطية هذا القصور؟! ٭ وأين جهود هيئة الرقابة والتحقيق في متابعة هذا التقصير ومعالجته إدارياً وفعلياً؟! ٭ وما جهود الأمانات والبلديات في توفير الأراضي للمستحقين فعلاً الذين لم يسبق لهم الحصول على حقهم من المنح وتيسير أمر حصولهم عليها؟ ومن المستغرب أنه على الرغم من نشر كثير من الحالات في عدد من الصحف لا نقرأ تجاوباً من الجهات المختصة في الضمان الاجتماعي أو الرعاية الصحية يتضمن مباشرة معالجة تلك الحالات. المقترحات: ٭ وتمشياً مع توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رعاه الله - في معالجة مشكلة الفقر ومشكلة الإسكان المتلازمتين، وضرورة المبادرة عاجلاً إلى تسخير طاقات العمل وفرقه لدى الجهات المعنية عن الرقابة والتحقيق والمساءلة والمتابعة، والجهات المسؤولة عن الأراضي والمخططات السكنية لتوفير شتى احتياجات الفئات المستحقة وتقديم الخدمات الضرورية والاستهلاكية اللازمة. أقدم الاقتراحات التالية: أولاً: أن يُخصص في كل وزارة أو دائرة مختصة (مكتب متابعة وتوجيه) يتولى متابعة ما ينشر ورصده وعرضه على المسؤولين للمبادرة إلى معالجته. ثانياً: أن يقوم الضمان الاجتماعي بفتح (مكتب بحث وصرف) في الأحياء الشعبية التي تتوافر فيها الحالات المستحقة لمباشرة بحثها ورصدها، ومن ثم تقديم الخدمات اللازمة لها. ثالثاً: أن تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بالمسارعة إلى تخصيص (دور الرعاية لمن هم دون سن الستين من يستحقون الرعاية والتأهيل، وإعادة التأهيل) بصفتهم أعضاء مهمة في جسد المجتمع. رابعاً: ان تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بالمسارعة إلى فتح دار لرعاية المرضى النفسيين، ومن لا يوجد من يرعاهم في كل مدينة، ومحافظة يتطلب وجود هذه الدار فيها لمتابعة أحوالهم ورعايتهم صحياً واجتماعياً. خامساً: ان تتولى (هيئة الرقابة والتحقيق) بكل جدية وفاعلية متابعة حل مشكلة الفقر ومعالجة أحوال الفقراء والأرامل والأيتام والمعوقين لتتم معالجتها معالجة جذرية. سادساً: ان تقوم (الغرفة التجارية الصناعية) بدور اجتماعي طموح في استقطاب توجهات رجال الأعمال إلى الإسهام الفعال في تنمية الخدمات الاجتماعية بإنشاء المجمعات السكنية المناسبة لذوي الدخول المحدودة. ومراكز التأهيل والتدريب واعادة التأهيل للمعوقين والفقراء ليصبحوا أعضاء فاعلين المجتمع بعد تدريبهم وتأهيلهم وإعادة تأهيل من تعرض لاعاقة عارضة أو طارئة نتيجة حادث أو نحوه. سابعاً: توجه الجمعيات الخيرية إلى عمل الدراسات الاجتماعية ذات الجدوى للجتمع ومتابعة تغطية حاجات المستحقين عبر فروعها وقنواتها الفعالة في الأحياء. ثامناً: الاستفادة من أئمة المساجد وعمد الأحياء ومراكز الشرطة في البحث عن تلك الحالات ورصدها وتغطيتها بصفتها ذات علاقة مباشرة بمعرفة سكان كل حي في كل مدينة أو محافظة أو هجرة أو قرية من ملاك ومستأجرين ومعرفة أوضاعهم. تاسعاً: أن يعيد الضمان الاجتماعي النظر في حجم اعانات ذوي الاحتياجات الخاصة (المعوقين) حسب حالة الفقر، ونوعية الإعاقة وما تتطلبه من رعاية وعلاج ومتابعة بحيث تغطي الإعانة المخصصة لتلك الحالات لتعين أسرتها على نفقات علاجها ومتابعتها ورعايتها فالحالة مثلاً (الفقير + معوق + شديد الإعاقة) ويسكن بالإيجار ليست مثل الحالة التي لا تعاني من الاعاقة، غيرها حيث يتطلب المعوق (الكفيف) مثلاً - وجود من يخدمه ويقوده، أو وجود سائق يوصوله إلى المعهد أو المسجد أو المستشفى أو السوق، ولا يستطيع هو القيام بنفقته وكذلك المعوقة فمن المسؤول عن ذلك؟ لابد - إذن - من وضعه في الحسبان بالإضافة إلى حالته الفقيرة وحاجته الواقعية المضافة. عاشراً: تنبيه خطباء المساجد والكتاب وأثرياء ورجال الأعمال إلى أهمية تناول هذه الشريحة المهمة كيان المجتمع وتوعية المجتمع إلى ضرورة التعاون لردم الفجوة، وتوثيق عرى الترابط والتلاحم بين أعضاء المجتمع الواحد، وتقوية وشيجة الاخوة والمحبة في نطاق الانشغالات الدنيوية عن الجيران وذوي القربى وأولي المعاناة والحاجة لتخفق ظلال الرحمة والمحبة وتمطر سحب العفو والخير والإحسان والوفاء على كل الأرجاء والآفاق المنطلقة في جداول الخير والتنمية والبناء بنوايا الصدق والايثار والإخلاص.