يقول الروائي الكولومبي الشهير جابرييل جارثيا ماركيز (المصاب بالسرطان) في رواية "وقائع موت معلن" أن الواقع يرتكب شطحات خيالية لو تجرأ روائي على الإتيان بمثلها فلن يصدقه أحد ومن هذا القبيل ما حدث أمام مستشفى العيون في جدة والذي سجلت وقائعه صحيفة المدينة في عددها الالكتروني الصادر بتاريخ 2005/1/13إذا كتبت أن أكثر من ألفي مراجع تكدسوا وتزاحموا كما يحدث عند الجمرات وذلك أمام مكتب المواعيد معبرين عن تذمرهم وتبرمهم وعدم تصديقهم وقيل أو على الأصح قالوا إنهم حضروا وحسب لتسجيل موعد للمراجعة واتضح أنهم أعطوا نفس الموعد وهو الأول من شهر ذي الحجة ويبدو أن بعضهم شعر بأنه سيكون هناك زحام شديد (وقيل إن هذا هو ما يحدث في العادة) فحضر من الساعة السابعة صباحاً، وهذا يعني أنهم حضروا قبل ذلك وأعطواً موعداً يستلمون فيه موعد الزيارة ولابد أن هذا حدث قبل شهور بل قيل إن جميع مرضى العيون في جدة أعطوا نفس الموعد للمراجعة ومهما كان الأمر فقد تعطلت حركة السير بالشوارع المجاورة للمستشفى، وظن بعض المارة أن حريقا قد حدث في المستشفى وأنه حدثت عملية إخلاء للمرضى أو شيء من هذا القبيل والغريب أنه رغم هذا الزحام والفوضى فقد تمكن بعض المراجعين المحظوظين من الحصول على موعد للمراجعة ولكن بعد شهور وهذا لابد أنه يعني أن حالة جميع المراجعين حالتهم روتينية لاتستدعي النظر العاجل الأمر الذي لوكتبه كاتب روائي لقيل إن به مساً من الجنون، وبالطبع لايمكن أن يوجد والوضع على هذه الحال أي قسم للطوارئ ولو وجد فمن المستبعد أن يوجد به أي طبيب أو حتى مساعد طبيب، وكل هذا يعني أن الدولة رغم أنها تصرف على الخدمات الطبية 8% من ميزانيتها أو 24.2بليون ريال فإنها لا تستطيع أن تؤمن العلاج المجاني لكل مواطن (هذا مع أن القطاع الخاص يتكفل بعلاج منسوبيه) وفي الحقيقة لاتستطيع أي دولة في العالم حتى الولاياتالمتحدة أن تقوم بذلك، ولهذا لابد من وضع سياسة جديدة للخدمات الطبية تنهض على التأمين الطبي على أن يقتصر العلاج المجاني على الأطفال وكبار السن والمصابين بالأمراض المستعصية، وبدون ذلك سيتكرر هذا المنظر أمام كل مستشفى في المملكة.