اقتصرت نشأة الرياضة السعودية المعاصرة، كما تبين كثير من "المصادر الموضوعية المعتبرة" في البداية على أندية (فرق) مكةالمكرمة ومدينة جدة، ثم تلتها باقي مدن الحجاز الكبيرة كالطائف والمدينة المنورة، ثم امتدت الأنشطة الرياضية لjشمل بقية مناطق البلاد في مراحل تالية. وتMكد بعض المصادر على أن مدينة جدة كانت "ميناء" الرياضة في البلاد العربية السعودية، كما كانت ميناء التواصل مع العالم.. حضارة.. ومدنية.. وفناً.. وثقافة(1). كانت ممارسة لعبة كرة القدم في مدن المملكة العربية السعودية عفوية (عشوائية)، ولم تحظ بأي تنظيم رسمي في البدايات الأولى، حيث اقتصرت ممارستها على الBحياء والحارات والساحات المفتوحة سواء داخل المدن أو خارجها، ولم تكن هناك ملاعب مخصصة لكرة القدم أو الألعاب الأخرى، بل لم تكن هناك أندية رياضية بالمفهوم العصري للأندية الرياضية. وقد عرفت هذه المرحلة عموماً في تاريخ تطور كرة القدم والرياضة السعودية عامة بمرحلة ما قبل التنظيمات الرسمية، أو ما يمكن تسميته بمرحلة ما قبل الإشراف الحكومي الذي تزامنت مع تطور الأجهزة الأخرى للدولة وتنظيم شؤونها ومرافقها(2). وقد تلت هذه الفترة التاريخية مرحلة الإشراف الرسمي على أنشطة الرياضة السعودية، التي انتقلت مرجعيتها الإدارية العليا بين أربع جهات حكومية مختلفة حتى استقرت بالشكل الموجود حالياً ممثلاً في الرئاسة العامة لرعاية الشباب. وتشير بعض المصادر التاريخية على أن دخول لعبة كرة القدم إلى كل من مكةالمكرمة ومدينة جدة كانت في الأصل عن طريق الحجاج القادمين من اندونيسيا (جاوه) الذيk يتخلف بعضهم في المدينتين بعد انقضاء شعائر حجهم، وقاموا بمزاولة هذه الرياضة - الحديثة نسبياً - ثم انضم إليهم بعض الشباب السعوديين، وقد أشار (الفوزان) إلى صحة هذا الاستنتاج عندما أكد أن ممارسة كرة القدم في إقليم الحجاز أدخلها إليه "بعض المالاويين والاندونيسيين عام 1344ه(3) وبعد فترة وجيزة نشأت فرق تضم خليطا من هؤلاء الوافدين، ثم أعقب ذلك ممارسة اللعبة مع بحارة السفن التجارية والحربية الأوروبية خاصة التي كانت تفد إلى ميناء جدة(4) على فترات متعاقبة نتيجة لموقع مينائها في منتصف السواحل الشرقية للبحر الأحمر. وقد أيد هذا الرأي "رفيع" فذكر أن لعبة كرة القدم من "ابتكار الإنجليز.. وعرفت عن الغربيين.. وأصبحت اللعبة المفضلة لدى الجميع" في مكةالمكرمةوجدة ومدن الحجاز(5) وقد تطورت لعبة كرة القدم (كنشاط رياضي وافد) في المملكة العربية السعودية بشكل متزايد بعد ذلك، حيث بدأت ممارستها تنتشر في الحارات والساحات الصغيرة في مطلع الخمسينيات الهجرية الماضية(6) في إقليم الحجاز السعودي على وجه خاص. إلى اللقاء في الغد بإذن الله. (1) خالد محمد باطرفي، (1418ه) جدة أم الرخا والشدة، دار البلاد للطباعة والنشر، جدة، ص: 74.(2) محمد علي السويد، (1415ه)، للوطن، رعاية وشباب لمحات وتأملات حول تجربة المملكة العربية السعودية في رعاية الشباب، مطابع الشرق الأوسط، الرياض، ص: 49.(3) إبراهيم الفوزان، (1401ه)، إقليم الحجاز وعوامل نهضته الحديثة، مطابع الفرزدق التجارية، الرياض، ص: 249.(4) عبدالحق مال، أول رئيس لإدارة الشؤون الرياضية بالمملكة العربية السعودية، مقابلة شخصية مسجلة بتاريخ 1425/2/19ه. (5) محمد عمر رفيع، (1401ه) مكةالمكرمة في القرن الرابع عشر الهجري، نادي مكة الثقافي، مكةالمكرمة، ص: 104.(6) وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، الإدارة العامة لرعاية الشباب، (د.ت.)، رعاية الشباب، دار الاصفهاني وشركاه، جدة