تأسيس ومؤثرات لقد مورست كرة القدم في اقليم الحجاز (منذ مطلع العقد الرابع من القرن الهجري الماضي) في البداية بطريقة عشوائية، وخاصة في بعض الساحات الشعبية، وعلى استحياء وخوف وخجل واستنكار ومضايقة من قبل فئات اجتماعية كانت ترى فيها خطراً على ثقافة البلاد وشبابها. واستمر الحال على هذا المنوال بين شد وجذب وسماح بالممارسة والمنع، وظهور عدد كبير من الفرق من الجاليات الإسلامية من دول جنوب شرق آسيا وبعض الفرق الوطنية والمختلطة، التي تمارس كرة القدم وتتنافس بينها بطرق غير منظمة، مما ادى الى كثير من المشاجرات والمشاكل، وتدخل السلطات لمنع ممارسة اللعبة في كل من جدة ومكة المكرمة. وتميزت ممارسة لعبة كرة القدم السعودية في هذه المرحلة بالعشوائية، وعدم فهم قانون اللعبة، وعدم توفر الملابس والأدوات او الملاعب الرياضية، والافتقار الى اسس اللعب الجماعي المنظم، والاعتماد على القوة البدنية، ومهازل التحكيم الذي كان بمثابة «أضحوكة» لافتقاره الى الأسس النظامية السليمة، وبطبيعة الحال عدم وجود مسابقات منظمة رسمية لكرة القدم، بل وعدم وجود مرجعية إدارية رسمية لتنظيم الفرق وتحديد الأنشطة وطرق سيرها. ويمكن القول ان كرة القدم السعودية في هذه المرحلة كانت تتسم بالعشوائية في كل شيء تقريباً. ومع بداية عقد السبعينيات الهجرية من القرن المنصرم (2731ه)، وبعد اكثر من عشرين عاماً تقريباً من ادخال اللعبة الى مدينة جدة ومكة المكرمة، ونشأة فرق محلية بها، تكونت أول «إدارة رسمية (ضمن وزارة الداخلية) لتشرف على أنشطة كرة القدم والرياضة وتنظيمها في البلاد. وعقب هذا التاريخ المفصلي، تحولت كرة القدم الى لعبة شعبية سعودية عن طريق الأندية والفرق والقطاعات العسكرية السعودية (في معسكرات الطائف والظهران) وبعض الشركات في المناطق الشرقية، والمدارس ثم الجامعات في مراحل لاحقة. وفي هذه المرحلة اصبحت ممارسة كرة القدم تمارس، بالإضافة الى ما ذكر سابقاً، تجرى في ساحات مفتوحة في مناطق مختلفة من البلاد، حتى انتشر هذا النشاط الى كافة المناطق الداخلية، فقد كانت «الساحة الشعبية» في المدينة والبلدة والقرية السعودية هي المهد الأول «لثقافة» كرة القدم السعودية من خلال التأثير المتواصل عبر نقاط التلقي على السواحل (جدة - الخبر - الدمام)، مروراً بخطوط الاتصال مع المناطق والنقاط الحضرية في الداخل في كافة أرجاء البلاد، مع تزايد اعداد الممارسين للعبة باطراد في بعض المناطق التي وصلت إليها مؤثرات الحضارة الخارجية. ومع تزايد شعبية لعبة كرة القدم في المملكة، أصبحت ممارسة اللعبة تلقى اقبالاً كبيراً من ابناء الطبقات الفقيرة او محدودة الدخل. وقد حظيت كرة القدم السعودية منذ البداية بعدد من السمات والخصائص التي تطورت مع مرور الوقت. فقد اتصف اللاعب السعودي في البداية ببنية جسمانية معتدلة او كبيرة، وقوة بدنية مميزة، وسرعة وعشوائية في الأداء الذي اعتمد على العنف. وبعض «الحيل» والأساليب الشعبية البسيطة، كاستخدام «الطبول» لإزعاج الخصم والتشويش عليه، او الانسحاب بحجج متباينة نتيجة الخوف من هزيمة كبيرة، او منع بعض الاقارب من اللعب لفرق اخرى بدعاوى الجيرة او المصاهرة وعدم نصرة الآخر، ونشوب بعض الخلافات والمشاحنات بين سكان الأحياء الشعبية، وانعدام الادوات العصرية لممارسة اللعبة كالملاعب العشبية والإنارة والمدرجات والملابس والاحذية الخاصة باللعبة، بل وعدم توفر «الكرات» النظامية، فمعظهما محلي الصنع او مستورد من مصر او السودان، والافتقار الى اسس ومكونات التدريب العصري، وانعدام التغطية الإعلامية، وان كانت بدائية ساذجة في بعض الصحف في حينها، وضآلة المخصصات المالية التي اعتمدت على تبرعات شخصية محدودة.