اكتفى بعض الشباب بطرق الدعوة المعروفة، إلقاء كلمات وتوزيع أشرطة ومنشورات أو جمع تبرعات، ومن هذا القبيل. ونسي أن معنى الدعوة أوسع وأشمل، فهو موجود في كل حركة وسكنة، والطرق في ذلك كثيرة جداً، لكن أحببت أن أعطيك واحدة منها، حيث وجدت فيها قوة تأثير عجيب، والهدى بيدي الله سبحانه وتعالى لكن أسباب ذلك بأيدينا، وهذه الطريقة مناسبة جداً لجميع الشباب، وعنوانها باختصار (الرسائل الايجابية). إن حياتنا اليومية كلها رسائل ايجابية وسلبية تمر على أسماعنا، فما كان منها ايجابياً كان تأثيره بمثله، والعكس بالعكس. وفي دراسة إحصائية لأحد الأبحاث العلمية تقول بإتمام الإنسان 18 سنة، يكون قد تلقى (150,000) رسالة سلبية، مقابل (400 - 600) رسالة ايجابية فقط. وإن دل على شيء فإنما يدل على كثر النقاد والمحيطين لمن يريد نفع الناس ونشر البر، وهم متواجدون بيننا، تجد الواحد منهم يلقي عبارات بسيطة لكن فيها من التأثير السلبي الشيء الكثير. وعندما تسمع كلمة طيبة من شخص يغلب عليه التقصير، فاستغل الموقف وارم عليه رسالة ايجابية لو صغيرة، تزيد به تشجيعاً وإقداماً، وأخبره بأنك ترى فيه صلاحاً وخيراً وإن كان بعيداً عنه.. والإيحاء الذاتي له تأثيره العجيب كما تعلمون!! زميلك في الكلية أو في العمل وهو معروف بالتقصير - وكلنا أهل تقصير -، أحياناً تجده يناقش معك في أوقات الاستراحة حكماً شرعياً أو مسألة فقهية معينة.. تأتي إليه فتقول: «ما شاء الله عليك شكلك متابع»، أو تقوم بسؤاله في نفس المسألة، أو تقول: «والله إنك أحسن منا»، أو تصارحه وتقول: «أخي الحبيب بما أن لك اهتماماً بأمر الدين والمسلمين، متابع لقضاياهم ومشكلاتهم، وتثقف نفسك وتهتم لذلك، فلم تفعل كذا وكذا وتترك فعل كذا وكذا؟، ما شاء الله عليك، أرى فيك علماً وخُلقاً. لكن الطاعة الفلانية لا تفعلها والمعصية الفلانية دائماً أشوفك تسويها يا حبيبي، والله ستصبح محبوباً عند الناس والأهل والأصدقاء والزملاء ولك من حولك أو يعرفك لو لم يرك، وقبل كل شيء، سيحبك ربك سبحانه وتعالى». فهذه تسمى (رسالة ايجابية) ألقيتها سحراً بلسان عذب حنون على نفس لم تكد تسمعها فضلاً عن أن ترضى بها، ولها تأثير مثمر بإذن الله، وتكمل الرسالة بمتابعة ذلك الشخص حتى يهديه الله ويفتح على قلبه. وإن ننسى فلا ننسى أن في إحدى المرات، أتى مجموعة من الشباب يشتكون حال أحد الأشخاص المقصرين إلى الشيخ ابن باز - رحمه الله -، ويقولون بأنهم حاولوا معه لكن بلا جدوى، فقال لهم اكتبوا له، فقالوا كتبنا أكثر من مرة، فقال: اكتبوا أيضاً، فإني والله كتبت إلى أحد الأشخاص مائة مرة حتى اهتدى. فما فائدة مشوار يوصلك إلى منتصف الطريق، تستسلم عنده للظروف التي حولك، ولا تكمله وتصل إلى أسمى الغايات وأرقى الأمنيات؟ يجب أن تعبر الطريق كله بلا توقف وبلا تأخر.